مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : وبقول سعيد بن المسيب أقول : من ثمنه كجراح الحر من ديته في كل قليل وكثير وقيمته ما كانت وهذا يروى عن جراح العبد عمر وعلي رضي الله عنهما .
[ ص: 314 ] قال الماوردي : أما الجناية على نفس العبد فموجبة لقيمته ، وهذا متفق عليه ، وأما الجناية على ما دون نفسه من أطرافه وجراحه فقد اختلف فيها على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب الشافعي أنها تكون مقدرة من قيمته كما تكون مقدرة من الحر من ديته ، فيجب في كل واحد من لسانه وأنفه وذكره قيمته وفي إحدى يديه نصف قيمته كما يجب في الحر نصف ديته ، كما يجب في الحر ديته ، ويجب في إصبعه عشر قيمته ، وفي أنملته ثلث عشرها ، وعلى هذا القياس وهو قول عمر وعلي وسعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وأبي حنيفة .
والمذهب الثاني : ما قاله داود بن علي وأهل الظاهر ومحمد بن الحسن من أصحاب أبي حنيفة الواجب في جميعها ما نقص من قيمته من غير تقدير كالبهائم .
والمذهب الثالث : ما قاله مالك : أن ما لا يبقى له أثر بعد الاندمال من شجاج الرأس ففي مقدر من قيمته كما قلنا ، وما يبقى أثره بعد الاندمال كالأطراف ففيه ما نقص من قيمته كأهل الظاهر ، واستدل أهل الظاهر بأمرين :
أحدهما : أنه مملوك كالبهائم .
والثاني : أنه لا يضمن بالقيمة فأشبه ضمان الغصب ، وفرق مالك بين شجاج رأسه وأطرافه بأنه قول أهل المدينة وهو عنده حجة ، وبأنه لما تقدر شجاج الرأس في الحر ولم تتقدر جراح جسده تغلظ حكمه على حكمه .
والدليل عليه أن من ضمنت نفسه بالقود والكفارة ضمنت أطرافه بالمقدر كالحر ، وعلى مالك أن من تقدرت شجاجه تقدرت أطرافه كالحر ، ولأن ما تقدر في الحر تقدر في العبد كالشجاج ، ثم يقال لمالك : العبد متردد بين أصلين :
أحدهما : الحر .
والثاني : البهيمة ، فإن ألحق بالحر تقدرت أطرافه وشجاجه ، وإن ألحق بالبهيمة لم تتقدر شجاجه ولا أطرافه ، وإلحاقه بالحر أولى من إلحاقه بالبهائم ، لما يتوجه إليه من التكليف ، ويجب عليه من الحدود ، ويلزم في قتله من القود والكفارة ، فأما ضمانه باليد إذا يغصب ، فإنما لم يضمن بالمقدر ، لأنه لا يضمن بالقود والكفارة فأجرى عليه حكم الأموال المحضة ، وصار فيها ملحقا بالبهائم ، ويضمن في الجنايات بالقود والكفارة فألحق بالأحرار .