الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا صح ما ذكرنا وثبتت حياته بعد انفصاله باستهلال أو حركة ثم مات لا يخلو حال موته من أحد أمرين :

                                                                                                                                            إما أن يكون عقيب سقوطه ، أو متأخرا عنه ، فإن مات عقيب سقوطه فالظاهر من موته أنه كان من ضرب أمه ، لأنه لما تعلق بالضرب حكم إسقاطه تعلق به حكم موته إلا أن تحدث عليه بعد سقوطه جناية فيصير موته منسوبا إلى الجناية الحادثة دون الضرب المتقدم ، مثل أن تنقلب عليه أمه بعد إلقائه فيصير موته بانقلاب أمه عليه فتجب ديته عليها تتحملها عاقلتها إن لم تعمد ذلك ، ولا ترثه ، لأنها صارت قاتلة ، وعليها الكفارة ، ولو عصرته برحمها عند خروجه ثم مات بعد انفصاله لم تضمنه وكانت ديته على الضارب ، لأن عصرة الرحم قل ما يخلو منها مولود ووالدة .

                                                                                                                                            ولو جرحه جارح بعد سقوطه كانت ديته على جارحه دون ضارب أمه .

                                                                                                                                            فإن قيل : فهلا كان كالجارحين بضمانه معا ؟

                                                                                                                                            [ ص: 401 ] قيل : لأن جناية الضارب سبب وجناية الجارح مباشرة واجتماعهما يوجب تعليق الحكم بالمباشرة دون السبب ، فلو اختلف ضارب الأم ووارث الجنين في موته بعد سقوطه فادعى الوارث موته بالضرب المتقدم وادعى الضارب موته بجناية حدثت فالقول قول الوارث مع يمينه ، والضارب ضامن لديته ، لأننا على يقين من ضربه وفي شك من جناية غيره ، فلو أقام الضارب البينة أنه مات بجناية غيره برئ من ديته بالبينة ولم يحكم بها على الجاني ، لأن الوارث مبرئ للجاني ومكذب للبينة بمطالبة الضارب ، فهذا حكمه إذا مات عقيب سقوطه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية