مسألة : قال المزني رضي الله عنه : وقد قال : لو كان لأقل من ستة أشهر فقتله رجل عمدا فأراد ورثته القود فإن كان مثله يعيش اليوم أو اليومين ففيه القود ثم سكت ( قال المزني ) كأنه يقول إن لم يكن كذلك فهو في معنى المذبوح يقطع باثنين أو المجروح تخرج منه حشوته فتضرب عنقه فلا قود على الثاني ولا دية ، وفي هذا عندي دليل ، وبالله التوفيق .
قال الماوردي : وهذه مسألة أوردها المزني احتجاجا لنفسه وهي حجاج عليه : لأن الشافعي قد أوجب : لأنه لا يجوز أن يعيش في جاري العادة لأقل من ستة أشهر فبطل به ما ظنه القود والدية في المقتول لأقل من ستة أشهر إذا كانت فيه حياة قوية وإن لم تتم ولم يدم المزني من غلط الناقل وما ذهب إليه من مخالفة الشافعي ، ثم نشرح المذهب فيها فنقول :
لا تخلو حياة الملقى لأقل من ستة أشهر من أن تكون قوية أو ضعيفة ، فإن كانت قوية يعيش منها اليوم واليومين فحكمه حكم غيره من الأحياء : إن قتله القاتل عمدا فعليه القود ، وإن قتله خطأ فعليه الدية ، وإذا ضمنه الثاني بقود أو دية سقط ضمانه عن [ ص: 404 ] الضارب فلم يلزمه فيه غرة ولا دية ، وكان مختصا بضرب الأم وإجهاضها فلا يلزمه أرش ضربها إلا أن تؤثر في جسدها ، وفي وجوب الحكومة عليه في إجهاضها قولان تقدما .
فإن كانت حياة الجنين ضعيفة لا يعيش بها أكثر من ساعة أو بعضها فهو في حكم التالف بالضرب المتقدم دون القتل الحادث ، فتكون ديته على الضارب ، ولا يلزمه فيه قود بحال ، ولا شيء على قاتله ، ويكون في حكم من قطع مذبوحا باثنين أو ضرب عنق مبقور البطن فخرج الحشوة ، فيكون الأول قاتله دون الثاني ، فيعزر ولا يلزمه غرم ولا كفارة ، فلو وقع التنازع في حياته عند قتل الثاني هل كانت قوية يضمنها الثاني أو ضعيفة يضمنها الأول ؟ فالقول فيه قول الثاني مع يمينه ، والضمان على الأول دونه ، لأننا على يقين من ضمان الأول بالضرب وفي شك من ضمان الثاني بالقتل ، ولأن الأصل ضعف الحياة حتى يعلم قوتها .