الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما محمد بن الحسن فإنه استدل لنصرة مذهبه وإبطال مذهب مخالفه بأن اعتباره بغيره يفضي إلى تفضيل الميت على الحي ، لأنه قد يكون قيمة أمه ألف دينار عشرها مائة دينار ، وقيمته في حياته دينارا واحدا ، فيجب فيه ميتا مائة دينار ، ويجب فيه حيا دينار واحد ، وما أفضى إلى هذا كان باطلا ، لأن الحي مفضل على الميت كالحر فيقال له وقولكم مفض إلى مخالفة الأصول من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنكم فضلتم الأنثى على الذكر لأنكم أوجبتم في الأنثى عشر قيمتها وفي الذكر نصف عشر قيمته ، والأصول توجب تفضيل الذكر على الأنثى .

                                                                                                                                            والثاني : أنكم أوجبتم فيمن كثرت قيمته أقل مما أوجبتموه فيمن قلت قيمته فقلتم في الذكر إذا كان قيمته خمسين دينارا فيه نصف عشرها ديناران ونصف ، وفي الأنثى إذا كانت قيمتها أربعين دينارا فيها عشر ، أربعة دنانير ، والأصول توجب زيادة الغرم عند زيادة القيمة فلم تنكر على نفسك وعلى أصحابك مخالفة أصول الشرع من هذين الوجهين وعدلت إلى إنكار ما لا تمنع منه أصول الشرع عنه اختلاف الجهات عندنا وعندكم فقلنا وقلتم مع اتفاقنا وإياكم على تفضيل الحر على العبد : إن الغاصب لو مات في يد العبد المغصوب وجبت فيه قيمته وإن زاد على دية الحر وإن كان أنقص حالا من الحر ، ثم قلتم وحكم القتل أغلظ أنه لو قتله نقص من قيمته عن دية الحر فأوجبتم فيه غير مقتول أكثر مما أوجبتم فيه مقتولا ولم تنكروا مثل هذا عند اختلاف الجهتين كذلك لا يمنع مثله في الجنين عند اختلاف الجهتين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية