فصل : فإذا ثبت أن سراية القصاص إلى الكف لا تكون قصاصا من سراية الجناية إلى الكف ، فإذا اقتصصنا من إصبع الجاني أخذنا الباقي من دية الكف على ما وصفنا ، ولم ينتظر بإصبعه أن ينتهي في السراية إلى مثل سراية جنايته ، لأنها لو انتهت إليه لم يكن قصاصا فلم يكن للانتظار وجه ، وهو معنى قول الشافعي : ولم ينتظر به أن يراقى إلى مثل جنايته أولا ، فإن نظر فإن كانت السراية إلى نفسه بعد أخذ دية باقي كفه فلا قصاص له في النفس ، لأنه قد استوفى بعض ديتها فيستوفي ما بقي من دية النفس وذلك نصف الدية ، لأنه قد أخذ بالقصاص والأرش نصفها الآخر ، وإن كانت السراية قبل أخذ [ ص: 167 ] الباقي من دية كفه ففي وجوب القصاص في النفس وجهان بناء على اختلاف أصحابنا في دية السراية إلى الكف هل يكون دية عمد أو خطأ ؟ سرت أكلة الكف إلى نفس المجني عليه بعد الاقتصاص من إصبع الجاني
أحد الوجهين : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها دية خطأ ، فعلى هذا لا قود في السراية إلى النفس ، ويعدل إلى استكمال الدية ليأخذ تسعين من الإبل لاقتصاصه من إصبع ديتها عشرا من الإبل ، وعلى هذا لو سرى القصاص من الجاني إلى نفسه لم تسقط عنه الدية .
والوجه الثاني : وهو مقتضى قول أبي علي بن أبي هريرة ، وقول أبي حامد الإسفراييني أنها دية عمد ، فعلى هذا يستحق القصاص في النفس إلا أن يعفو إلى الدية فيعطاها إلا دية إصبع ، وعلى هذا لو سرى القصاص من إصبع الجاني إلى نفسه كانت سرايته قصاصا ، لأن سراية جنايته موجبة للقصاص والله أعلم .