الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  المطلب الثاني: الاشتراك في حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية:

                  يشترك الحكام والمحكومون في حل مشكلات الأمة، ولا ينفرد بحلها الحكام وحدهم، ولا توطن الرعية أنفسها على أن مشكلاتها تحل فقط من جهة حكامها، وإنما تضع الرعية يدها في يد الراعي من أجل حل المشكلات.

                  - الاشتراك في حل المشكلات الاجتماعية:

                  المشكلات الاجتماعية تؤدي إلى تصدع المجتمع، وتقطيع روابطه، وتمزيق صلاته، ومن ثم يتحول المجتمع إلى ساحة عراك ونزاع، فتسود الاضطرابات، وتعم القلاقل، ولا يتفرغ المجتمع في هذا المناخ المتوتر للبناء والتعمير وإتمام المشروعات الإصلاحية.

                  ولهذا كان لابد من المشاركة من أبناء المجتمع جميعا، والمشاركة من القادة الفكريين والتربويين لحل المشكلات الاجتماعية، ومن تلك المشكلات الاجتماعية تأخر سن الزواج.

                  يقول الإمام: "ومن علل قلة الزواج تشوف كثير من الشبان للاقتران بذات ثروة، وذوات الثروة اللاتي يقبلن على التزوج بالشبان المقلين غير كثير، فهل لأساتيذ التربية وخطباء المنابر، أن يلقنوا للنشء نصائح في الزواج، ويوجهوا نفوسهم إلى الناحية التي تجيء منها راحة البال، وانتظام الحياة، ودوام العشرة وهي طيب منبت الزوجة، وسماحة أخلاقها، وسمو آدابها؟! وأريد بطيب المنبت أن تنشأ في بيت يرعاه ذو غيرة وحزم وإن كان قوت أهله كفافا" [1] . [ ص: 180 ]

                  وقد ذكر الإمام سببا واحدا وهو انتظار الشباب ذوات الثروات، وهذا - بلا شك- فيه مذمة كبيرة للشاب وطعن في رجولته، وتشكيك في قدرته على قيادة البيت قيادة واعية، وهذا ما لا يرضاه أصحاب الغيرة.

                  ومن الأسباب الأخرى لتأخر الزواج: الفقر وعدم القدرة على نفقات الزواج، والخوف من تحمل المسؤولية، وغير ذلك من الأسباب، وهذه المشكلة وغيرها من المشكلات الاجتماعية يجب التصدي لها.

                  - الاشتراك في حل المشكلات الاقتصادية:

                  المشكلة الاقتصادية من المشكلات الكبيرة، التي تعانى منها الأمة، والكل يلزمه أن يتعاون من أجـل حـلها؛ ولا يقف حلها عند حد الحاكم فقط، إنما يتجاوز حلها إلى أهل المال، الذين يتمكنون من المشاركة الفعالة، والتعاون البناء مع المجتمع.

                  يقول، رحمه الله: "وليست تبعية الحالة الاقتصادية ملقاة على عاتق أولي الأمر وحدهم، بل على الموسرين حظ من هذه التبعية عظيم، إذ في ميسورهم تأليف شركات تراعي في نظمها أصول الدين الحنيف، فتفيض بربح مبارك غزير، ويعيش من العمل بها خلق كثير" [2] .

                  فلا يقع على الحكام وحدهم حل المشكلة الاقتصادية، إنما على المجتمع دور في حلها، وعلى أهل المال، خصوصا، مسؤولية كبيرة في التصدي للمشكلات الاقتصادية. [ ص: 181 ]

                  ومن حل المشكلة الاقتصادية: شراء الرعية المنتج الوطني وتشجيعه حتى ولو كان أقل جودة وأكثر ثمنا من غيره، فيحتسبون هذه الفوارق في سبيل تحسين الاقتصاد الوطني والارتقاء به. يقول، رحمه الله: "ويدخل في هذا القبيل اتخاذ نحو الملابس وأثاث البيوت من مصنوعاتهم، وفي المصنوعات القومية ما يغني غناءها، وفي الإقبال على المصنوعات القومية فتح باب عظيم من أبواب الثروة العامة، وارتقاء الشعوب على قدر يسارها" [3] .

                  فهو يحذر من الإقبال على المنتجات غير الوطنية من الملابس والأثاث، ويحث على الإقبال على المنتجات الوطنية.

                  فالمشكلة الاقتصادية يشترك في حلها الحكام والرعية بالمشاركة البناءة، والإسهام الواعي، والتفهم لطبيعة المرحلة التي تمر بها الأمة، والتي تحتاج إلى كل جهد بناء، وعمل هادف في صالح الأمة.

                  -

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية