الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  المطلب الثاني: ظاهرة التحول في الكتابة:

                  هناك آفات تنطوي عليها القلوب، وإن لم يعالجها أصحابها تمتد في القلب امتداد الورم الخبيث في الجسم فتقضي عليه، وكما تتمكن الآفات من عموم الناس تتمكن أيضا من الكتاب والعلماء، وقد كشفت "رسائل الإصـلاح" هذه الآفات، بخبرة ووعي، وقد كان هذا الكشـف مشـابها لما جاء في كتاب "صيد الخاطر" للإمام ابن الجوزي، رحمه الله، الذي ذكر [ ص: 194 ] في كثير من مواضعه علل قلوب العلماء، والمتصدين للدعوة والإرشاد، وأيضا كان هذا الكشف مشابها ما جاء في كتاب "تلبيس إبليس" للإمام ابن الجوزي والذي أفرد فيه أبوابا خاصة بالتلبيس على العلماء.

                  والإمام، رحمه الله، عندما يتكلم عن تلك العلل، فهو يبين مخالطته أصحابها، ومتابعته لهم، ووقوفه على تطوراتهم الفكرية، التي جعلتهم في نهاية الأمر يخرجون عن الاعتدال، ويتحاملون على الإسلام.

                  يقول الإمام: "وصغار العقول لا يشعرون بأن في الناس من يطوي في نفسـه حاجة يسـتطيع أن يلبس لها ثوب الرياء أمدا غير قصير، حتى إذا رأى قضـاءها في ذم ما كان يحمـد، ومحـاربة ما كان ينصـر، وجد في استعداده ما يساعده على أن يظهر في أي لباس شاء" [1] .

                  فأصحاب هذه العلل يتأثر بهم الكثير، ويحظون عندهم بالتقدير، وذلك لافتقادهم الخبرة، وعدم توفر الحكمة والفطنة، وإن من خطورة العلل الكامنة في النفوس أنها دعت أصحابـها إلى التوجه بالسهام إلى ما كانت تدعو إليه وتدين به وإلى شن الحرب على ما تربت عليه، وهذا لحبها الدنيا، وحرصها على متاعها الفاني.

                  ومن خبرة الإمام أنه يتكلم عن صنـف خبيث لا يفطن إليهم أحد، ولا ينتبه إلى خبثهم إلا أصحاب الخبرة. [ ص: 195 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية