الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  المطلب الثاني: مراقبة حركة الثائرين على الإسلام:

                  المعادون للفكرة الإسلامية لهم فلسفتهم الخاصة في العداء، ويحققون من خلال تلك الفلسفة نجاحات في غيبة المتابعة والمراقبة من أهل الفكر الإسلامي الأصيل، ومن أهل الوعي بطريقة المجرمين، وبأسلوب أهل الخسة والدناءة، ومن الواجب مراقبة الفكر المنحرف، ومتابعة أصحابه، ودراسة أصنافه دراسة جيدة. [ ص: 189 ]

                  يقول الإمام، رحمه الله، في أصناف هؤلاء: "فمن فئة غلبت عليهم أهواؤهم فاتخذوا اسم الدين وسيلة إلى ما تهوى أنفسهم، ومن قوم نبذوا الدين وخرجوا يدعون إلى الإباحية والإلحاد علانية، ومن جماعات يرسلون إلى بلادنا، ويقيمون معاهد ليصلوا فيها بأبنائنا، ويحاولوا صرفهم إلى ملة غير ملتنا. ومن طوائف ابتدعوا نحلات خاسـرة، وانتـموا بأفواهـهم إلى الإسـلام وقـلوبهم تجحـده ولا شـأن لهم إلا اصـطياد الغافلين ومن لم تسـبق لهم تربية رشيدة، كما يصنع الفرقتان المدفوعتان إلى تقـويض أركـان الإسـلام واسـتـدراج شـعوبـه إلى احـتمال الـذلـة والهـوان، وهما البهائية [1] والقاديانية [2] ، ومن فرق لا شأن لها سوى أن تضع أمام عين الشـبان مناظر اللهو والخلاعة، فتصرفهم عن الطريق السوي، وتمشي بهم في عوج فلا يدركوا ما يدركه أولو الجد والعفاف والشهامة من مجد وكرامة" [3] .

                  فتلك الفئات التي تتبنى المذاهب المنحرفة، وتسعى إلى نشرها واصطياد الغافلين من أبناء الأمة الإسلامية يلزم متابعتها ومراقبتها والتصدي لها. [ ص: 190 ]

                  والآفة في كثير من أبناء الأمة من أهـل الثقافة أنه لا يقرأ في الإسلام ما يحصن فكره، ويحميه من التأثر بالشبهات الضالة، والأفكار الخبيثة، وقد يغرر بالبعض ويزج به في هذه البؤر الفكرية بسبب جهله بالدين وعدم قراءاته الجيدة للإسلام، وإطلاعه على المراجع اللازمة لحمايته ولجعله منافحا عن الفكرة الإسلامية ومدافعا عن حقائق الإسلام.

                  وقد عني الإمام في "رسائل الإصلاح" بهذا الجانب العلمي:

                  "ومن واجب أهل العلم بعد هذا أن يرقبوا حركة الثائرين على الدين ويكونوا على بصيرة بما يكتبونه في الصحف، أو يحضرون به في النوادي ليقوموا أوده وينبهوا على خطره، حتى يستبين أمره، وتتضح أمام الناشئين طريقة قرع الشبهة بالحجة، وصرع الباطل بقوة الحق، وكذلك يفعل العلماء الراسخون، والكتاب المخلصون" [4] .

                  والمعرفة بالشر في الفكر من الواجبات الشرعية، واستبانة سبل المجرمين من المقاصد، التي دعا إليها القرآن الكريم، ومن الإصلاح تثبيت الخير وتدعيمه بالأدلة والبراهين، وأيضا تعرية الشر وكشفه وفضح أمره وإظهاره علي حقيقته.

                  ومن أصول المنهج الإصلاحي تنقية الإسلام مما علق به من شوائب وتصفيته مما ألصق به على مر القرون، وهناك شبهات كثيرة حول الإسلام ألصقها به أعداؤه السافرون وخصومه السافلون، وأيضا ألصقها به أبناؤه الجاهلون وأدعياؤه الكاذبون. والمصلحون يتصدون لهذه الشبهات، وينفونها عن الإسلام، ويظهرون الحقائق جلية. [ ص: 191 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية