الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  المبحث الثالث

                  الإصلاح من خلال الأزهر

                  - المطلب الأول: أثر المؤسسات الإسلامية في الإصلاح:

                  للمؤسسات الإسلامية أثر كبير في الإصلاح والتغيير.

                  يقول الدكتور محمد البهي: "الإصلاح نفسه مرتبط في حاله بالقائمين بشأنه وبالمؤسسات الإسلامية، التي لها طابع البحث أو الدعوة في مجال التعاليم الإسلامية، وفي مقدمة هذه المؤسسات الأزهر" [1] .

                  ويقول: "فهل يصبح الأزهر الآن لشعب مصر والشعوب الإسلامية معه؟ الإسلام في غده يتأثر قوة وضعفا بقوة الأزهر وضعفه" [2] .

                  ويقول الدكتور عبد الحليم محمود: "لقد قال لي مرة أحد كبار المفكرين الغربيين: إن جدران الأزهر، وأعمدة الأزهر، وأرض الأزهر، وجو الأزهر، كل ذلك مشبع بالعلم منذ مئات السنين" [3] .

                  وقد تولى الإمام، رحمه الله، مناصب كثيرة، تمكن في حدود صـلاحياته أن يحقق من خلالها الخير لأمته، وأن يوظفها توظيفا سليما لخدمة الأمة. [ ص: 83 ]

                  "وتولى الأستاذ الإمام منصبه وفي ذهنه برنامج إصلاحي كبير للنهضة بهذه المؤسسة الإسلامية الكبرى وجعلها وسيلة لبعث النهضة الإسلامية العظمى، التي يتطلع إليها العالم الإسلامي في جميع القارات" [4] . فالمنصب من العوامل المؤثرة، وذلك لسرعة الإصلاح من خلاله، ولقدرة أصحابه على اتخاذ القرار الذي يحظى بالتنفيذ.

                  والإصلاح من خلال المؤسسات له انعكاسه الكبير على الأمة الإسلامية، وله آثاره الإيجابية في كل الميادين والمجـالات الحيوية بالأمة، وهذا ما كان في فكر الإمام حيث جند نفسه للعمل الإصلاحي في هذه المؤسـسة العريقـة، وأيقن أن تفانيه في خدمة الإسلام من خلالها، وأن جهده المبذول تحت لوائها سيكون له النتائج العظيمة، كما وكيفا، في واقع الأمة الإسلامية.

                  يقول د. البيومي:

                  "أما مشيخته الكبرى للأزهر فقد كانت دليلا على أن الله لا يتخلى عن رجاله المناضلين، إذ يأبى عدله الرحيم أن يترك هذه الجهود المضنية في الدين واللغة والأدب تضيع بددا دون تقدير مادي ملموس، فرأى الأزهر لعهده حلقة ذهبية من حلقات الكمال والجلال والوقار، وطفق الزائرون من كتاب وعلماء وصحفيين يتقاطرون على مكتبه، وكلهم يسأل عن أمور هامة في الإصلاح [ ص: 84 ] الديني والتشريع الإسلامي، والتقدم الحضاري، فيجد الإجابة الرصينة السديدة يفوه بها شيخ الإسلام الدارس المستنير" [5] .

                  وكان تولية مشيخة الأزهر ظرفا مساعدا على النداء بالإصلاح؛ والمناخ الموجود في تلك الفترة التاريخية كان مهيأ تماما لمثل هذه الشخصية غير المصرية أن تتولى هذه المؤسسة العريقة، وهذا يدل على أن الأزهر ليس ملكا لمصر وحدها، إنما هو ملك للعالم الإسلامي كله.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية