وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
ولم يقل أحد من المسلمين إنهم كانوا في حياته يقسمون به ويتوسلون بذاته ، بل حديث الأعمى الذي رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وغيرهم ، ألفاظه صريحة في أن الأعمى إنما توسل بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كما قد بسطت ألفاظه في موضع [ ص: 112 ] آخر . وفي أول الحديث والترمذي محمد نبي الرحمة ، يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي لتقضيها ، اللهم فشفعه في" . وفي رواية ثانية رواها أن الأعمى سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله أن يرد إليه بصره ، فهو طلب من النبي الدعاء ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضأ ويصلي ركعتين ، ويقول : "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك أحمد وغيرهما : والبيهقي . "اللهم شفعه في وشفعني فيه"
فلما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو أمره أن يدعو هو أيضا . كما ربيعة بن كعب الأسلمي : أسأل مرافقتك في الجنة ، فقال : "أعني على نفسك بكثرة السجود" . فإن شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسؤاله الإنسان قد يكون مشروطا بشروط ، وقد يكون هناك مانع ، كاستغفاره للمنافقين . قال له
فدعاؤه من أعظم الأسباب في حصول المطلوب ، ولكن السبب قد يكون له شروط وموانع ، فإذا كان إبراهيم قد استغفر لأبيه فلم يغفر له ، وقيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في المنافقين : سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ، وقيل له : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ، لم يمنع ذلك أن يكون دعاء [ ص: 113 ] إبراهيم ومحمد عند الله أعظم الدعاء إجابة ، وجاههما عند الله أعظم جاه للمخلوقين ، وهما الخليلان ، وهما أفضل البرية . لكن الدعاء وإن كان سببا قويا فالكفر مانع معارض ، فإن الله لا يغفر أن يشرك به ، وقد حرم الجنة على الكافرين والمنافقين وإن استغفر لهم محمد وإبراهيم ، لوجود المانع لا لنقص جاه الشفيع العظيم القدير .
وكذلك ثبت عنه في الصحيح أنه قال : . "استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي"
وقد قال تعالى : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ، ثم اعتذر عن إبراهيم بقوله : وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم .
فهو - صلى الله عليه وسلم - لربيعة : "سل" ، قال : أسأل مرافقتك في الجنة ، فقال : "أوغير ذلك"؟ فقال : بل هو ذاك ، قال : "أعني على نفسك بكثرة السجود" . فإن المطلوب عال لا ينال بمجرد الدعاء ، بل لا بد من عمل صالح يكون من صاحبه ، يكون عونا للداعي ، فقال : قال . [ ص: 114 ] "أعني على نفسك بكثرة السجود"
كذلك أمر الأعمى -لما طلب منه الدعاء له قل : اللهم - أن يعينه هو أيضا بصلاته ودعائه ، وقال : محمد نبي الرحمة" أي بدعاء نبيك وشفاعته . كما قال "صل ركعتين ثم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك : عمر . "كنا نتوسل إليك بنبينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا"
ومعلوم أنهم إنما ، كما كانوا يتوسلون بدعاء النبي العباس - صلى الله عليه وسلم - . وهذا فعله توسلوا بدعاء بين عمر المهاجرين والأنصار عام الرمادة ، ولم ينكره أحد ولم يقل له : بل أو الإقسام به مشروع ، فلم يعدل عن التوسل بالرسول إلى التوسل بذات النبي العباس؟
فلما أقروا على ذلك ولم ينكره أحد علم أن ما فعله عمر وأصحابه معه هو المشروع دون ما يخالفه . عمر
وكذلك أمر الأعمى أن يتوسل بدعائه وشفاعته ، ويدل على ذلك قوله في آخر الحديث : ، علم أنه كان يدعو ويشفع له ، وأن الأعمى إنما توسل بدعائه وشفاعته ، وإلا فكان يقول : "اللهم وهذا شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - " . "اللهم فشفعه في"