الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأيضا فقولكم -أحسن الله إليكم- : "لا أسلم أن المعتبرين من المحدثين منعوا تأويل المعتبرين من المتكلمين" ، أما الذين تعنون بالمعتبرين من المتكلمين لا يخلو : إما أن تريدوا بالمعتبرين ناسا معينين أو موصوفين ، فإن أردتم ناسا معينين فاذكروا من شئتم من جميع أعيان المتكلمين ، حتى أذكر لكم أن أقواما من أعيان المتكلمين ردوا عليه تلك التأويلات وأبطلوها ، فضلا عن أهل الحديث . بل سموا من شئتم ، حتى أبين أنه نفسه يرد بنفسه على نفسه ، وأنه يتأول التأويل في كتاب ، ثم يمنعه أو يبطله في كتاب آخر ، وربما فعل ذلك في المصنف الواحد .

وإن أردتم بالمعتبرين موصوفين ، مثل أن يقال : المعتبر من له بصر ثاقب وعلم بما يجوز ويجب ويمتنع على الله وما يسوغ في لسان العرب ، حتى يتأول بعقله وعلمه ومعرفته بالمعقولات والمسموعات تأويلا سائغا فهذا أوسع عليكم من الأول ، فإن المتكلمين أنواع مختلفة ، وكل منهم يرد على الآخر تأويلاته ويبطلها ويحرمها عليه ، بل كثير منهم يكفر الآخر ببعض تلك التأويلات ، حتى إن التلميذ منهم يكفر أستاذه . [ ص: 73 ]

وأهل الحديث موافقون لهم جميعهم في إنكار تلك التأويلات لا في إثبات شيء منها :

فنفاة الرؤية من الجهمية والمعتزلة والفلاسفة يتأولون النصوص فيها تارة برؤية أفعال الله ، وتارة برؤية القلب الذي هو زيادة العلم ، ومثبتو الرؤية من أهل الحديث والكلام يردون ذلك وينكرونه .

ومنكرو الكلام الحقيقي يتأولون "قال الله ويقول" بمعنى أنه أحدث في غيره كلاما خاطب به عباده ، ومثبتو الكلام الحقيقي من أهل الحديث والكلام يبطلون هذا التأويل ويحرمونه .

التالي السابق


الخدمات العلمية