ومن قال إن هذا كان من الصحابة فهو كاذب مفتر ، يعرف أنه لم يكن من الصحابة ، فإن أصر على ذلك عوقب عقوبة تردعه . يزيد
وأما من قال إنه كان من الأنبياء فإنه كافر مرتد يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل .
ومن جعله من الخلفاء الراشدين المهديين فهو أيضا ضال مبتدع كاذب .
ومن قال أيضا إنه كان كافرا ، أو إن أباه كان كافرا ، [ ص: 148 ] وإنه قتل معاوية تشفيا وأخذا بثأر أقاربه من الكفار فهو أيضا كاذب مفتر ، ومن قال إنه تمثل لما أتي برأس الحسين : الحسين
لما بدت تلك الحمول وأشرفت تلك الرؤوس على ربى جيرون نعق الغراب فقلت نح أو لا تنح
فلقد قضيت من النبي ديوني
أو "من الحسين ديوني" .
والديوان الشعري الذي يعزى إليه عامته كذب ، وأعداء الإسلام كاليهود وغيرهم يكتبونه للقدح في الإسلام ، ويذكرون فيه ما هو كذب ظاهر ، كقولهم إنه أنشد :
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
قد قتلنا الكبش من أقرانهم وعدلناه ببدر فاعتدل
وأنه تمثل بهذا ليالي الحرة فهذا كذب .
وهذا الشعر لعبد الله بن الزبعرى أنشده عام أحد لما قتل المشركون ، وكان كافرا ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه ، وقال أبياتا يذكر فيها إسلامه وتوبته . [ ص: 149 ] حمزة
فلا يجوز أن يغلى لا في ولا غيره ، بل لا يجوز أن يتكلم في أحد إلا بعلم وعدل . يزيد
ومن قال : إنه إمام ابن إمام ، فإن أراد بذلك أنه تولى الخلافة كما تولاها سائر خلفاء بني أمية والعباس فهذا صحيح ، لكن ليس في ذلك ما يوجب مدحه وتعظيمه ، والثناء عليه وتقديمه ، فليس كل من تولى أنه كان من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين ، فمجرد الولاية على الناس لا يمدح بها الإنسان ولا يستحق على ذلك الثواب ، وإنما يمدح ويثاب على ما يفعله من العدل والصدق ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والجهاد وإقامة الحدود ، كما يذم ويعاقب على ما يفعله من الظلم والكذب والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وتعطيل الحدود ، وتضييع الحقوق ، وتعطيل الجهاد .
وقد سئل ، عن أحمد بن حنبل أيكتب عنه الحديث؟ فقال : لا ، ولا كرامة ، أليس هو الذي فعل بأهل يزيد الحرة ما فعل؟
وقال له ابنه : إن قوما يقولون إنا نحب . فقال : هل يحب يزيد أحد فيه خير؟ فقال له : فلماذا لا تلعنه؟ فقال : ومتى رأيت أباك يلعن أحدا؟ يزيد
ومع هذا فيزيد لم يأمر بقتل ولا حمل رأسه إلى بين يديه ، ولا نكت بالقضيب على ثناياه ، بل الذي جرى هذا منه هو الحسين ، ، كما ثبت ذلك في "صحيح عبيد الله بن زياد ، ولا طيف برأسه [ ص: 150 ] في الدنيا ، ولا سبي أحد من أهل البخاري" ، بل الحسين الشيعة كتبوا إليه وغروه ، فأشار عليه أهل العلم والنصح بأن لا يقبل منهم ، فأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ، فرجع أكثرهم عن كتبهم ، حتى قتل ابن عمه ، ثم خرج منهم عسكر مع حتى عمر بن سعد مظلوما شهيدا الحسين ، أكرمه الله بالشهادة كما أكرم بها أباه وغيره من سلفه سادات المسلمين . قتلوا
وكان بالعراق طائفتان : النواصب تبغض وتشتمه عليا ، وكان منهم طائفة من ، الحجاج بن يوسف الشيعة تظهر موالاة أهل البيت منهم وطائفة من . وقد ثبت في "صحيح المختار بن أبي عبيد الثقفي عن مسلم" أسماء ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ثقيف كذاب ومبير" فكان الكذاب هو "سيكون في ، والمبير هو المختار بن أبي عبيد الثقفي . الحجاج بن يوسف الثقفي
وكان أظهر أولا التشيع والانتصار المختار ، حتى قتل الأمير الذي أمر بقتل للحسين وأحضر رأسه إليه ، ونكت بالقضيب على ثناياه : الحسين . عبيد الله بن زياد
ثم أظهر أنه يوحى إليه ، وأن جبريل يأتيه ، حتى بعث إليه أخاه ابن الزبير فقتله ، وقتل خلقا من أصحابه . ثم جاء مصعبا فقتل عبد الملك ابن مروان . فصار مصعب بن الزبير النواصب والروافض في يوم عاشوراء حزبين ، هؤلاء يتخذونه يوم مأتم وندب ونياحة ، [ ص: 151 ] وهؤلاء يتخذونه يوم عيد وفرح وسرور . وكل ذلك بدعة وضلالة .
وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : . "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية"
وروى عن الإمام أحمد فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الحسين . "ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها"
فدل هذا الحديث الذي رواه على أن المصيبة إذا ذكرت وإن قدم عهدها فالسنة أن يسترجع فيها ، وإذا كانت السنة الاسترجاع عند حدوث العهد بها فمع تقدم العهد أولى وأحرى . الحسين