[ ص: 177 ] فصل في [ ص: 178 ] [ ص: 179 ] فصل معنى "الحنيف"
في معنى"الحنيف"
فإن هذا الاسم قد تكرر في القرآن ، وقد فرض الله على الناس أن يكونوا حنفاء ، فرضه الله على أهل الكتاب ثم على أمة محمد ، وأوجب عليه وعليهم أن يتبعوا ملة إبراهيم حنيفا ، فقال تعالى في أهل الكتاب : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ، وهذا أمر لجميع الخلق من المشركين وأهل الكتاب وغيرهم .
وقال تعالى : قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين وقال عن إبراهيم : ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ، وقال تعالى : قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ، وقال تعالى : ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا ، وقال تعالى : قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا [ ص: 180 ] وما كان من المشركين ، وقال : إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ، وقال تعالى : فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به ، وقال تعالى : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين .
والقرآن كله يدل على أن . وعبادته سبحانه إنما تكون بما أمر به وشرعه ، وذلك يدخل في الحنيفية . ولا يدخل فيها ما ابتدع من العبادات ، كما ابتدع اليهود والنصارى عبادات لم يأمر بها الأنبياء ، فإن الحنيفية هي ملة إبراهيم ، وأنها عبادة الله وحده والبراءة من الشرك موسى وعيسى وغيرهما من أنبياء بني إسرائيل ومن اتبعهم كانوا حنفاء بخلاف من بدل دينهم فإنه خارج عن الحنيفية . وقد أمر الله أهل الكتاب وغيرهم أن يعبدوه مخلصين له الدين حنفاء ، فبدلوا وتصرفوا من بعد ما جاءتهم البينة .