ومن أجود ما احتج به من يرى الجهر بالبسملة  حديث  معاوية  ، لما قدم المدينة  فترك قراءة البسملة في الركعة الأولى في أول الفاتحة وأول السورة ، حتى هتف به الصحابة فقرأها في الركعة الثانية . وقد اعتمد  الشافعي  على هذا الأثر في "الأم" ، وفيه إجماع أولئك الصحابة على الصلاة خلفه وإن كان قد ترك ذلك ، وإن كانوا قد أنكروا تركه . 
ومن قال من المتفقهة أتباع المذاهب : إنه لا يصح اقتداؤه بمن يخالفه إذا فعل أو ترك شيئا يقدح في الصلاة عند المأموم; فقود مقالته يوقعه في مذاهب أهل الفرقة والبدعة ، من الروافض  والمعتزلة  والخوارج  ، الذين فارقوا السنة ، ودخلوا في الفرقة والبدعة . 
ولهذا آل الأمر ببعض الضالين إلى أنه لا يصلي خلف من يرفع يديه في المواطن الثلاثة ، والآخر لا يرى الصلاة خلف من ترك الرفع أول مرة ، وآخر لا يصلي خلف من يتوضأ من المياه القليلة ، وآخر لا يصلي خلف من لا يتحرز من يسير النجاسة المعفو عنها عنده ، إلى أمثال هذه الضلالات التي توجب أيضا أن لا يصلي أهل  [ ص: 279 ] المذهب الواحد بعضهم خلف بعض ، ولا يصلي التلميذ خلف أستاذه ، ولا يصلي  أبو بكر  خلف  عمر  ، ولا  علي  خلف  عثمان  ، ولا يصلي المهاجرون  والأنصار  بعضهم خلف بعض . 
ولا يخفى على مسلم أن هذه من مذاهب أهل الضلال ، وإن غلط فيها بعض الناس . فهذه الفتوى لا تحتمل بسط هذا الأصل العظيم الذي هو جماع الدين . 
				
						
						
