السابع عشر : [ ص: 73 ] كقوله تعالى : الإشارة إلى عدم دخول الجملة في حكم الأولى فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ( الشورى : 24 ) في سورة الشورى ، فإن ( يمح ) استئناف وليس عطفا على الجواب ; لأن المعلق على الشرط عدم قبل وجوده ، وهذا صحيح في يختم على قلبك وليس صحيحا في ويمح الله الباطل ( الشورى : 24 ) لأن محو الباطل ثابت ; فلذلك أعيد الظاهر ، وأما حذف الواو من الخط فللفظ ، وأما حذفها في الوقف كقوله تعالى : يدعو الداعي ( القمر : 6 ) سندع الزبانية ( العلق : 18 ) فللوقف ، ويؤكد ذلك وقوف يعقوب عليها بالواو .
وهذا ملخص كلام عبد العزيز في كلامه على البزدوي ، وفيما ذكره نزاع ، وهذا أنا لا نسلم أن المعلق هاهنا بالشرط هو موجود قبل الشرط ; لأن الشرط هنا المشيئة وليس المحو ثابتا قبل المشيئة ، فإن قيل : إن الشرط هنا مشيئة خاصة ، وهي مشيئة الختم ، وهذا وإن كان محذوفا فهو مذكور بالقوة ، شائع في كثير من الأماكن ، كقوله تعالى : ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ( الأنعام : 35 ) ولو شاء الله ما أشركوا ( الأنعام : 107 ) ولو شاء الله ما اقتتلوا ( البقرة : 253 ) المعنى : " ولو شاء الله جمعهم لجمعهم ، و " لو شاء الله عدم إيمانهم ما أشركوا " و " لو شاء الله عدم قتالهم ما اقتتلوا " .
قيل : لا يكاد يثبت مفعول المشيئة إلا نادرا ، كما سيأتي في الحذف إن شاء الله تعالى ، وإذا ثبت هذا صح ما ادعيناه ; فإن محو الله ثابت قبل مشيئة الله الختم .
فإن قلت : سلمنا أن الشرط مشيئة خاصة ، لكنها إنما تختص بقرينة الجواب .
والجواب : هنا شيئان : فالمعنى : إن يشأ الله الختم ومحو الباطل يختم على قلبك ، ويمح الباطل ، وحينئذ لا يتم ما ادعاه .
[ ص: 74 ] وجوابه أن الشرط لا بد أن يكون غير ثابت وغير ممتنع ، و " يمحو الباطل " كان ثابتا ، فلا يصح دخوله في جواب الشرط ، وهذا أحسن جدا .
بقي أن يقال : إن الجواب ليس كلا من الجملتين ; بل مجموع الجملتين والمجموع معدوم قبل وجود الشرط ; وإن كان أحدهما ثابتا .