الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 376 ] الخامس

تغليب الأكثر على الأقل

بأن ينسب إلى الجميع وصف يختص بالأكثر ، كقوله تعالى : لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا ( الأعراف : 88 ) أدخل شعيب عليه السلام في قوله : ( لتعودن ) بحكم التغليب ، إذ لم يكن في ملتهم أصلا حتى يعود إليها ، ومثله قوله : إن عدنا في ملتكم ( الأعراف : 89 ) واعترض بأن ( عاد ) بمعنى صار لغة معروفة ، وأنشدوا :


فإن تكن الأيام أحسن مرة إلي فقد عادت لهن ذنوب

ولا حجة فيه ؛ لجواز أن يكون ضمير " الأيام " فاعل " عادت " ، وإنما الشاهد في قول أمية :


تلك المكارم لا قعبان من لبن     شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

ويحتمل جوابا ثالثا ؛ وهو أن يكون قولهم لشعيب ذلك من تعنتهم وبهتانهم وادعائهم أن شعيبا كان على ملتهم ، لا كما قال فرعون لموسى .

وقوله : وما يكون لنا أن نعود فيها ( الأعراف : 89 ) كناية عن أتباعه لمجرد فائدتهم ، وأنه - صلى الله عليه وسلم - إن قال ذلك عن نفسه وأتباعه فقد استثنى ، والمعلق بالمشيئة لا يلزم إمكانه شرعا تقديرا ، والاعتراف بالقدرة والرجوع لعلمه سبحانه وإن علم العبد عصمة نفسه أدبا مع ربه لا شكا .

ويجوز أن يراد بالعود في ملتهم مجرد المساكنة والاختلاط ، بدليل قوله : إذ نجانا الله منها ( الأعراف : 89 ) ونظيره : ومطهرك من الذين كفروا ( آل عمران : 55 ) ويكون ذلك إشارة إلى الهجرة عنهم ، وترك الإجابة لهم ، لا جوابا لهم ، وفيه بعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية