الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
الخامس عشر : كونه أهم من الضمير كقوله تعالى : أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ( البقرة : 282 ) وقال بعضهم : إنما أعيد ( إحداهما ) لتعادل الكلم وتوازن الألفاظ في التركيب ، وهو المعني في الترصيع البديعي ، بل هذا أبلغ من الترصيع ; فإن الترصيع توازن الألفاظ من حيث صيغها ، وهذا من حيث تركيبها ، فكأنه ترصيع معنوي ، وقلما يوجد إلا في نادر من الكلام ، وقد استغرب أبو الفتح ما حكي عن المتنبي في قوله : [ ص: 72 ]

وقد صارت الأجفان قرحى من البكا وصار بهارا في الخدود الشقائق

قال : سألته : هل هو " قرحى " أو " قرحا " منون ؟ فقال لي : " قرحا " منون ، ألا ترى أن بعدها " وعادت بهارا " ؟ قال : يعني أن " بهارا " جمع بهار ، و " قرحى " جمع قرحة ، ثم أطنب في الثناء على المتنبي ، واستغرب فطنته لأجل هذا .

وبيان ما ذكرت في الآية أنها متضمنة لقسمين : قسم الضلال وقسم التذكير ، فأسند الفعل الثاني إلى ظاهر حيث أسند الأول ، ولم يوصل بضمير مفصول ; لكون الأول لازما ، فأتى بالثاني على صورته من التجرد عن المفعول ، ثم أتى به خبرا بعد اعتدال الكلام ، وحصول التماثل في تركيبه .

ولو قيل : إن المرفوع حرف لكان أبلغ في المعنى المذكور ، ويكون الأخير بدلا أو نعتا على وجه البيان ، كأنه قال : " إن كان ضلال من إحداهما كان تذكير من الأخرى " وقدم على " الأخرى " لفظ " إحداهما " ليسند الفعل الثاني إلى مثل ما أسند إليه الأول لفظا ومعنى ، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية