الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 430 ] تنبيه

جاء عن ابن مسعود : " ذكروا القرآن " ففهم منه ثعلب أن ما احتمل تأنيثه وتذكيره كان تذكيره أجود .

ورد بأنه يمتنع إرادة تذكير غير الحقيقي التأنيث ؛ لكثرة ما في القرآن منه بالتأنيث : النار وعدها الله ( الحج : 72 ) والتفت الساق بالساق ( القيامة : 29 ) قالت لهم رسلهم ( إبراهيم : 11 ) وإذا امتنع إرادة غير الحقيقي ، فالحقيقي أولى .

قالوا : ولا يستقيم إرادة أن ما احتمل التذكير والتأنيث غلب فيه التذكير ؛ لقوله تعالى : والنخل باسقات ( ق : 10 ) أعجاز نخل خاوية ( الحاقة : 7 ) فأنث مع جواز التذكير ، قال تعالى : أعجاز نخل منقعر ( القمر : 20 ) من الشجر الأخضر ( يس : 80 ) قال : فليس المراد ما فهم ، بل المراد الموعظة والدعاء ، كما قال تعالى : فذكر بالقرآن ( ق : 45 ) إلا أنه حذف الجار ، والمقصود : ذكروا الناس بالقرآن ، أي : ابعثوهم على حفظه كيلا ينسوه .

وقال الواحدي : إن قول ابن مسعود على ما ذهب إليه ثعلب ، والمراد : أنه إذا احتمل اللفظ التذكير والتأنيث ولم يحتج في التذكير إلى مخالفة المصحف ذكر ، نحو : ولا يقبل منها شفاعة ( البقرة : 48 ) .

قال : ويدل على إرادته هذا أن أصحاب عبد الله من قراء الكوفة كحمزة والكسائي ذهبوا إلى هذا فقرءوا ما كان من هذا القبيل بالتذكير ؛ نحو : " يوم يشهد عليهم ألسنتهم " ( النور : 24 ) وهذا في غير الحقيقي .

ضابط التأنيث ضربان

حقيقي وغيره ، فالحقيقي لا يحذف التأنيث من فعله غالبا ، إلا أن يقع فصل نحو : قام [ ص: 431 ] اليوم هند ، وكلما كثر الفصل حسن الحذف ، والإثبات مع الحقيقي أولى ما لم يكن جمعا .

وأما غير الحقيقي فالحذف فيه مع الفصل حسن ، قال تعالى : فمن جاءه موعظة ( البقرة : 275 ) فإن كثر الفصل ازداد حسنا ، ومنه : وأخذت الذين ظلموا الصيحة ( هود : 67 ) ويحسن الإثبات أيضا نحو : وأخذت الذين ظلموا الصيحة ( هود : 94 ) فجمع بينهما في سورة هود .

وأشار بعضهم إلى ترجيح الحذف واستدل عليه بأن الله تعالى قدمه عليه حيث جمع بينهما في سورة واحدة ، وفيما قاله نظر .

التالي السابق


الخدمات العلمية