القسم الثاني عشر كقوله : إطلاق الجمع وإرادة الواحد ياأيها الرسل كلوا من الطيبات ( المؤمنون : 51 ) إلى قوله : فذرهم في غمرتهم حتى حين ( المؤمنون : 54 ) قال أبو بكر الصيرفي : فهذا خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وحده ; إذ لا نبي معه ولا بعده .
ومثله : نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ( الزخرف : 32 ) الآية ، وهذا مما لا شريك فيه ، والحكمة في التعبير بصيغة الجمع أنه لما كانت تصاريف أقضيته سبحانه وتعالى تجري على أيدي خلقه نزلت أفعالهم منزلة قبول القول بمورد الجمع .
وجعل منه ابن فارس قوله تعالى : وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون ( النمل : 37 ) والرسول كان واحد ; بدليل قوله تعالى : ارجع إليهم ( النمل : 37 ) .
وفيه نظر ; من جهة أنه يحتمل مخاطبة رئيسهم ، فإن العادة جارية لا سيما من الملوك ألا يرسلوا واحدا .
ومنه ففررت منكم لما خفتكم ( الشعراء : 21 ) وغير ذلك ، وقد تقدم في وجوه المخاطبات .
[ ص: 95 ] ومنه ينزل الملائكة بالروح من أمره ( النحل : 2 ) والمراد جبريل .
وقوله : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ( النساء : 54 ) والمراد محمد صلى الله عليه وسلم .
وقوله : الذين قال لهم الناس ( آل عمران : 173 ) والمراد بهم ابن مسعود الثقفي وإنما جاز إطلاق لفظ الناس على الواحد ; لأنه إذا قال الواحد قولا وله أتباع يقولون مثل قوله ، حسن إضافة ذلك الفعل إلى الكل ، قال الله تعالى : وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها ( البقرة : 72 ) وإذ قلتم ياموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ( البقرة : 55 ) والقائل ذلك رءوسهم .
وقيل : المراد بالناس ركب من عبد القيس ، دسهم أبو سفيان إلى المسلمين ، وضمن لهم عليه جعلا ، قاله ابن عباس وابن إسحاق وغيرهما .