[ ص: 336 ] الثالث عشر
كقوله : الاهتمام عند المخاطب فحيوا بأحسن منها أو ردوها ( النساء : 86 ) .
ونظيره قوله عليه السلام : . وأن تقرأ السلام على من عرفته ومن لم تعرفه
وقوله ولذي القربى واليتامى والمساكين ( الأنفال : 41 ) لفضل الصدقة على القريب .
وكقوله : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية ( النساء : 92 ) .
فقدم الكفارة على الدية ، وعكس في قتل المعاهد حيث قال : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ( النساء : 92 ) .
قال الماوردي في " الحاوي " : ووجهه أن المسلم يرى تقديم حق الله على نفسه والكافر يرى تقديم نفسه على حق الله ، قال : وقال : إنما خالف بينهما ولم يجعلهما على نسق واحد ؛ لئلا يلحق بهما ما بينهما من قتل المؤمن في دار الحرب في قوله : ابن أبي هريرة فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة ( النساء : 92 ) فضم إليه الدية إلحاقا بأحد الطرفين ، فأزال هذا الاحتمال باختلاف اللفظين .
[ ص: 337 ] وقال الفقيه نجم الدين بن الرفعة : يحتمل أن يقال : إنه لما كان الكفر يهدر الدماء وهو موجود ، كان الغاية ببذل الدم عند العصمة لأجل الميثاق أتم ؛ لأنه يغمض حكمه ، فلذلك قدمت الدية فيه ، وأخرت الكفارة ؛ لأن حكمها قد سبق ، ولما كانت عصمة المسلم ثابتة ، وقياس الأصول أنه لا تجب الكفارة في قتل الخطأ لأنه لا إثم فيه خصوصا على المسلمين لرفع القلم عن الخطأ - كانت العناية بذكر الكفارة فيه أتم ؛ لأنها التي تغمض ؛ فقدمت .
ومن هذا النوع قوله تعالى : فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس ( الكهف : 85 - 86 ) قيل : لماذا بدأ بالمغرب قبل المشرق ، وكان مسكن ذي القرنين من ناحية المشرق ؟ قيل : لقصد الاهتمام ؛ إما لتمرد أهله وكثرة طغيانهم في ذلك الوقت ، أو غير ذلك مما لم ينته إلينا علمه .
ومن هذا أن تأخر المقصود بالمدح والذم أولى من تقدمه ؛ كقوله : نعم الرجل زيد ، أحسن من قولك : زيد نعم الرجل ؛ لأنهم يقدمون الأهم ، وهم في هذا بذكر المدح والذم أهم .
فأما تقديمه في قوله تعالى : نعم العبد إنه أواب ( ص : 30 و 44 ) فإن [ ص: 338 ] الممدوح هنا بـ " نعم العبد " هو سليمان عليه السلام ، وقد تقدم ذكره ، وكذلك أيوب في الآية الأخرى . والمخصوص بالمدح في الآيتين ضمير سليمان وأيوب ، وتقديره : نعم العبد هو ؛ إنه أواب