nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_29568تذكير المؤنث
يكثر في تأويله بمذكر ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فمن جاءه موعظة من ربه ( البقرة : 275 ) على تأويلها بالوعظ .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=11وأحيينا به بلدة ميتا ( ق : 11 ) على تأويل البلدة بالمكان ، وإلا لقال : ميتة .
[ ص: 420 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي ( الأنعام : 78 ) أي الشخص أو الطالع .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85قد جاءتكم بينة من ربكم ( الأعراف : 85 ) أي : بيان ودليل وبرهان .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وأرسلنا السماء عليهم مدرارا ( الأنعام : 6 ) .
وإنما يترك التأنيث كما يترك في صفات المذكر ، لا كما في قولهم : امرأة معطار ؛ لأن السماء بمعنى المطر مذكر ، قال :
إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
ويجمع على أسمية وسمي ، قال
العجاج :
تلفه الأرواح والسمي
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=8وإذا حضر القسمة ( النساء : 8 ) إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=8فارزقوهم منه ( النساء : 8 ) ذكر الضمير لأنه ذهب بالقسمة إلى المقسوم .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه ( النحل : 66 ) ذهب بالأنعام إلى معنى النعم ، أو حمله على معنى الجمع .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=56إن رحمة الله قريب من المحسنين ( الأعراف : 56 ) ولم يقل : قريبة . قال
الجوهري : ذكرت على معنى الإحسان ، وذكر
الفراء أن العرب تفرق بين النسب والقرب من المكان ، فيقولون : هذه قريبتي من النسب ، وقريبي من المكان ، فعلوا ذلك فرقا بين قرب النسب والمكان .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وهذا غلط ؛ لأن كل ما قرب من مكان ونسب ، فهو جار على ما يقتضيه
[ ص: 421 ] من التذكير والتأنيث ؛ يريد أنك إذا أردت القرب من المكان قلت : زيد قريب من عمرو ، وهند قريبة من العباس ، فكذا في النسب .
وقال
أبو عبيدة : ذكر " قريب " لتذكير المكان ، أي : مكانا قريبا . ورده
nindex.php?page=showalam&ids=12772ابن الشجري بأنه لو صح لنصب " قريب " على الظرف .
وقال
الأخفش : المراد بالرحمة هنا المطر ؛ لأنه قد تقدم ما يقتضيه ، فحمل المذكر عليه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : لأن الرحمة والغفران بمعنى واحد ؛ وقيل : لأنها والرحم سواء .
ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=81وأقرب رحما ( الكهف : 81 ) فحملوا الخبر على المعنى ، ويؤيده قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98هذا رحمة من ربي ( الكهف : 98 ) .
وقيل : الرحمة مصدر ، والمصادر كما لا تجمع لا تؤنث .
وقيل : " قريب " على وزن " فعيل " و " فعيل " يستوي فيها المذكر والمؤنث ؛ حقيقيا كان أو غير حقيقي ، ونظيره قوله تعالى : وهي رميم ( يس : 78 ) .
وقيل : من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، مع الالتفات إلى المحذوف ، فكأنه قال : وإن مكان رحمة الله قريب ، ثم حذف المكان وأعطى الرحمة إعرابه وتذكيره .
وقيل : من حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، أي : إن رحمة الله شيء قريب أو لطيف ، أو بر ، أو إحسان .
وقيل : من باب إكساب المضاف حكم المضاف إليه ، إذا كان صالحا للحذف والاستغناء عنه بالثاني ، والمشهور في هذا تأنيث المذكر لإضافته إلى مؤنث ، كقوله :
مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم
فقال : " تسفهت " والفاعل مذكر ؛ لأنه اكتسب تأنيثا من الرياح ؛ إذ الاستغناء عنه جائز ، وإذا كانت الإضافة على هذا تعطي المضاف تأنيثا لم يكن له ، فلأن تعطيه تذكيرا لم يكن له
[ ص: 422 ] كما في الآية الكريمة أحق وأولى ؛ لأن التذكير أولى والرجوع إليه أسهل من الخروج عنه .
وقيل : من الاستغناء بأحد المذكورين لكون الآخر تبعا له ، ومعنى من معانيه .
ومنه في أحد الوجوه ، قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=4فظلت أعناقهم لها خاضعين ( الشعراء : 4 ) فاستغني عن خبر الأعناق بخبر أصحابها ، والأصل هنا : إن رحمة الله قريب ، وهو قريب من المحسنين ، فاستغني بخبر المحذوف عن خبر الموجود ، وسوغ ظهور ذلك المعنى .
ونظير هذه الآية الشريفة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=17وما يدريك لعل الساعة قريب ( الشورى : 17 ) قال
البغوي : لم يقل ( قريبة ) لأن تأنيثها غير حقيقي ، ومجازها الوقت .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : إتيانها قريب .
وقيل : في قوله تعالى : بريح صرصر ( الحاقة : 6 ) ولم يقل : " صرصرة " كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=6بريح صرصر عاتية ( الحاقة : 6 ) لأن الصرصر وصف مخصوص بالريح لا يوصف به غيرها ، فأشبه باب " حائض " ونحوه ؛ بخلاف " عاتية " فإن غير الريح من الأسماء المؤنثة يوصف به .
وأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=18السماء منفطر به ( المزمل : 18 )
nindex.php?page=treesubj&link=28914_28905_29568ففي تذكير ( منفطر ) خمسة أقوال :
أحدها :
للفراء أن السماء تذكر وتؤنث ، فجاء ( منفطر ) على التذكير .
والثاني :
لأبي علي أنه من باب اسم الجنس الذي بينه وبين واحده التاء ، مفرده سماءة ، واسم الجنس يذكر ويؤنث ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=20أعجاز نخل منقعر ( القمر : 20 ) .
والثالث :
nindex.php?page=showalam&ids=15080للكسائي ، أنه ذكر حملا على معنى السقف .
[ ص: 423 ] والرابع :
لأبي علي أيضا على معنى النسب ، أي : ذات انفطار كقولهم : امرأة مرضع ، أي : ذات رضاع .
والخامس :
nindex.php?page=showalam&ids=14423للزمخشري أنه صفة لخبر محذوف مذكر ، أي : شيء منفطر .
وسأل
أبو عثمان المازني بحضرة
المتوكل قوما من النحويين ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت ، وأبو بكر بن قادم ، عن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28وما كانت أمك بغيا ( مريم : 28 ) كيف جاء بغير هاء ، ونحن نقول : امرأة كريمة ؛ إذا كانت هي الفاعل ، وبغي هنا الفاعل وليست بمنزلة " القتيل " التي هي بمعنى " المفعول " ؟ فأجاب
ابن قادم وخلط ، فقال له
المتوكل : أخطأت ، قل يا
بكر للمازني ، قال : " بغي " ليس لـ " فعيل " ، وإنما هو " فعول " ، والأصل فيه ( بغوي ) ، فلما التقت واو وياء وسبقت إحداهما بالسكون أدغمت الواو في الياء ، فقيل : بغي ، كما تقول : امرأة صبور ، بغير هاء ؛ لأنها بمعنى صابرة ، فهذا حكم " فعول " إذا عدل عن فاعله ، فإن عدل عن مفعوله جاء بالهاء ، كما قال :
منها اثنتان وأربعون حلوبة
[ ص: 424 ] بمعنى " محلوبة " حكاه
التوحيدي في " البصائر " .
وقال
البغوي في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78من يحيي العظام وهي رميم ( يس : 78 ) ولم يقل : " رميمة " ؛ لأنه معدول عن فاعله ، وكلما كان معدولا عن جهته ووزنه كان مصروفا عن فاعله ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28وما كانت أمك بغيا ( مريم : 28 ) أسقط الهاء ؛ لأنها مصروفة عن " باغية " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15194الشريف المرتضى في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=118ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ( هود : 118 - 119 ) إن الضمير في ( ذلك ) يعود للرحمة ، وإنما لم يقل : و " لتلك " لأن تأنيث الرحمة غير حقيقي ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98هذا رحمة من ربي ( الكهف : 98 ) ولم يقل : هذه ، على أن قوله : إلا من رحم ( هود : 119 ) كما يدل على الرحمة يدل على " أن يرحم " ، ويجوز رجوع الكناية إلى قوله : إلا أن يرحم ، والتذكير في موضعه .
قال : ويجوز أن يكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=119ولذلك خلقهم ( هود : 119 ) كناية عن اجتماعهم على الإيمان ، وكونهم فيه أمة واحدة ، ولا محالة أنه لهذا خلقهم .
ويطابق هذه الآية قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ( الذاريات : 56 ) قال : فأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=118ولا يزالون مختلفين ( هود : 118 ) فمعناه الاختلاف في الدين والذهاب عن الحق فيه بالهوى والشبهات ، وذكر
أبو مسلم بن بحر فيه معنى غريبا فقال : معناه : أن خلف هؤلاء الكفار يخلف سلفهم في الكفر ؛ لأنه سواء قولك : خلف
[ ص: 425 ] بعضهم بعضا ، وقولك : اختلفوا ، كما سواء قولك : قتل بعضهم بعضا ، وقولك : اقتتلوا . ومنه قولهم : لا أفعله ما اختلف العصران ، أي : جاء كل واحد منهم بعد الآخر .
واختلف في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه ( النحل : 66 ) فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : أي من بطون ما ذكرنا .
وقال
الفراء : ذكر لأنه ذهب إلى المعنى ؛ يعني معنى النعم ، وقيل : الأنعام تذكر وتؤنث .
وقال
أبو عبيدة : أراد البعض ، أي : من بطون أيها كان ذا لبن .
وأنكر
أبو حاتم تذكير الأنعام ، لكنه أراد معنى النعم .
nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_29568تَذْكِيرُ الْمُؤَنَّثِ
يَكْثُرُ فِي تَأْوِيلِهِ بِمُذَكَّرٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ ( الْبَقَرَةِ : 275 ) عَلَى تَأْوِيلِهَا بِالْوَعْظِ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=11وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ( ق : 11 ) عَلَى تَأْوِيلِ الْبَلْدَةِ بِالْمَكَانِ ، وَإِلَّا لَقَالَ : مَيْتَةٌ .
[ ص: 420 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي ( الْأَنْعَامِ : 78 ) أَيِ الشَّخْصُ أَوِ الطَّالِعُ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ( الْأَعْرَافِ : 85 ) أَيْ : بَيَانٌ وَدَلِيلٌ وَبُرْهَانٌ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا ( الْأَنْعَامِ : 6 ) .
وَإِنَّمَا يُتْرَكُ التَّأْنِيثُ كَمَا يُتْرَكُ فِي صِفَاتِ الْمُذَكَّرِ ، لَا كَمَا فِي قَوْلِهِمْ : امْرَأَةٌ مِعْطَارٌ ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ بِمَعْنَى الْمَطَرِ مُذَكَّرٌ ، قَالَ :
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا
وَيُجْمَعُ عَلَى أَسْمِيَةٍ وَسُمِّيٍّ ، قَالَ
الْعَجَّاجُ :
تَلُفُّهُ الْأَرْوَاحُ وَالسُّمِّيُّ
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=8وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ( النِّسَاءِ : 8 ) إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=8فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ( النِّسَاءِ : 8 ) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِالْقِسْمَةِ إِلَى الْمَقْسُومِ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ ( النَّحْلِ : 66 ) ذَهَبَ بِالْأَنْعَامِ إِلَى مَعْنَى النَّعَمِ ، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى مَعْنَى الْجَمْعِ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=56إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ( الْأَعْرَافِ : 56 ) وَلَمْ يَقُلْ : قَرِيبَةٌ . قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : ذُكِّرَتْ عَلَى مَعْنَى الْإِحْسَانِ ، وَذَكَرَ
الْفَرَّاءُ أَنَّ الْعَرَبَ تُفَرِّقُ بَيْنَ النَّسَبِ وَالْقُرْبِ مِنَ الْمَكَانِ ، فَيَقُولُونَ : هَذِهِ قَرِيبَتِي مِنَ النَّسَبِ ، وَقَرِيبِي مِنَ الْمَكَانِ ، فَعَلُوا ذَلِكَ فَرْقًا بَيْنَ قُرْبِ النَّسَبِ وَالْمَكَانِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَهَذَا غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا قَرُبَ مِنْ مَكَانٍ وَنَسَبٍ ، فَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ
[ ص: 421 ] مِنَ التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ ؛ يُرِيدُ أَنَّكَ إِذَا أَرَدْتَ الْقُرْبَ مِنَ الْمَكَانِ قُلْتَ : زَيْدٌ قَرِيبٌ مِنْ عَمْرٍو ، وَهِنْدٌ قَرِيبَةٌ مِنَ الْعَبَّاسِ ، فَكَذَا فِي النَّسَبِ .
وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : ذُكِّرَ " قَرِيبٌ " لِتَذْكِيرِ الْمَكَانِ ، أَيْ : مَكَانًا قَرِيبًا . وَرَدَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12772ابْنُ الشَّجَرِيِّ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَنُصِبَ " قَرِيبٌ " عَلَى الظَّرْفِ .
وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : الْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ هُنَا الْمَطَرُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ مَا يَقْتَضِيهِ ، فَحُمِلَ الْمُذَكَّرُ عَلَيْهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : لِأَنَّ الرَّحْمَةَ وَالْغُفْرَانَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ؛ وَقِيلَ : لِأَنَّهَا وَالرَّحِمَ سَوَاءٌ .
وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=81وَأَقْرَبَ رُحْمًا ( الْكَهْفِ : 81 ) فَحَمَلُوا الْخَبَرَ عَلَى الْمَعْنَى ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ( الْكَهْفِ : 98 ) .
وَقِيلَ : الرَّحْمَةُ مَصْدَرٌ ، وَالْمَصَادِرُ كَمَا لَا تُجْمَعُ لَا تُؤَنَّثُ .
وَقِيلَ : " قَرِيبٌ " عَلَى وَزْنِ " فَعِيلٌ " وَ " فَعِيلٌ " يَسْتَوِي فِيهَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ ؛ حَقِيقِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ حَقِيقِيٍّ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَهِيَ رَمِيمٌ ( يس : 78 ) .
وَقِيلَ : مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ ، مَعَ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْمَحْذُوفِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : وَإِنَّ مَكَانَ رَحْمَةِ اللَّهِ قَرِيبٌ ، ثُمَّ حَذَفَ الْمَكَانَ وَأَعْطَى الرَّحْمَةَ إِعْرَابَهُ وَتَذْكِيرَهُ .
وَقِيلَ : مِنْ حَذْفِ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَةِ الصِّفَةِ مَقَامَهُ ، أَيْ : إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ شَيْءٌ قَرِيبٌ أَوْ لَطِيفٌ ، أَوْ بِرٌّ ، أَوْ إِحْسَانٌ .
وَقِيلَ : مِنْ بَابِ إِكْسَابِ الْمُضَافِ حُكْمَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ ، إِذَا كَانَ صَالِحًا لِلْحَذْفِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالثَّانِي ، وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا تَأْنِيثُ الْمُذَكَّرِ لِإِضَافَتِهِ إِلَى مُؤَنَّثٍ ، كَقَوْلِهِ :
مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ أَعَالِيهَا مَرُّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ
فَقَالَ : " تَسَفَّهَتْ " وَالْفَاعِلُ مُذَكَّرٌ ؛ لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ تَأْنِيثًا مِنَ الرِّيَاحِ ؛ إِذِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ جَائِزٌ ، وَإِذَا كَانَتِ الْإِضَافَةُ عَلَى هَذَا تُعْطِي الْمُضَافَ تَأْنِيثًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ، فَلَأَنْ تُعْطِيَهُ تَذْكِيرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ
[ ص: 422 ] كَمَا فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَحَقُّ وَأَوْلَى ؛ لِأَنَّ التَّذْكِيرَ أَوْلَى وَالرُّجُوعَ إِلَيْهِ أَسْهَلُ مِنَ الْخُرُوجِ عَنْهُ .
وَقِيلَ : مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ بِأَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ لِكَوْنِ الْآخَرِ تَبَعًا لَهُ ، وَمَعْنًى مِنْ مَعَانِيهِ .
وَمِنْهُ فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ ، قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=4فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ( الشُّعَرَاءِ : 4 ) فَاسْتُغْنِيَ عَنْ خَبَرِ الْأَعْنَاقِ بِخَبَرِ أَصْحَابِهَا ، وَالْأَصْلُ هُنَا : إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ، فَاسْتُغْنِيَ بِخَبَرِ الْمَحْذُوفِ عَنْ خَبَرِ الْمَوْجُودِ ، وَسَوَّغَ ظُهُورَ ذَلِكَ الْمَعْنَى .
وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=17وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ( الشُّورَى : 17 ) قَالَ
الْبَغَوِيُّ : لَمْ يَقُلْ ( قَرِيبَةٌ ) لِأَنَّ تَأْنِيثَهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ ، وَمَجَازَهَا الْوَقْتُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : إِتْيَانُهَا قَرِيبٌ .
وَقِيلَ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ( الْحَاقَّةِ : 6 ) وَلَمْ يَقُلْ : " صَرْصَرَةٍ " كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=6بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ( الْحَاقَّةِ : 6 ) لِأَنَّ الصَّرْصَرَ وَصْفٌ مَخْصُوصٌ بِالرِّيحِ لَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهَا ، فَأَشْبَهَ بَابَ " حَائِضٍ " وَنَحْوِهِ ؛ بِخِلَافِ " عَاتِيَةٍ " فَإِنَّ غَيْرَ الرِّيحِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُؤَنَّثَةِ يُوصَفُ بِهِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=18السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ( الْمُزَّمِّلِ : 18 )
nindex.php?page=treesubj&link=28914_28905_29568فَفِي تَذْكِيرِ ( مُنْفَطِرٌ ) خَمْسَةُ أَقْوَالٍ :
أَحَدُهَا :
لِلْفَرَّاءِ أَنَّ السَّمَاءَ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ ، فَجَاءَ ( مُنْفَطِرٌ ) عَلَى التَّذْكِيرِ .
وَالثَّانِي :
لِأَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ مِنْ بَابِ اسْمِ الْجِنْسِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ التَّاءُ ، مُفْرَدُهُ سَمَاءَةٌ ، وَاسْمُ الْجِنْسِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ ، نَحْوَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=20أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ( الْقَمَرِ : 20 ) .
وَالثَّالِثُ :
nindex.php?page=showalam&ids=15080لِلْكِسَائِيِّ ، أَنَّهُ ذُكِّرَ حَمْلًا عَلَى مَعْنَى السَّقْفِ .
[ ص: 423 ] وَالرَّابِعُ :
لِأَبِي عَلِيٍّ أَيْضًا عَلَى مَعْنَى النَّسَبِ ، أَيْ : ذَاتُ انْفِطَارٍ كَقَوْلِهِمْ : امْرَأَةٌ مُرْضِعٌ ، أَيْ : ذَاتُ رِضَاعٍ .
وَالْخَامِسُ :
nindex.php?page=showalam&ids=14423لِلزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّهُ صِفَةٌ لِخَبَرٍ مَحْذُوفٍ مُذَكَّرٍ ، أَيْ : شَيْءٌ مُنْفَطِرٌ .
وَسَأَلَ
أَبُو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ بِحَضْرَةِ
الْمُتَوَكِّلِ قَوْمًا مِنَ النَّحْوِيِّينَ ، مِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنُ السِّكِّيتِ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ قَادِمٍ ، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ( مَرْيَمَ : 28 ) كَيْفَ جَاءَ بِغَيْرِ هَاءٍ ، وَنَحْنُ نَقُولُ : امْرَأَةٌ كَرِيمَةٌ ؛ إِذَا كَانَتْ هِيَ الْفَاعِلَ ، وَبَغِيٌّ هُنَا الْفَاعِلُ وَلَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ " الْقَتِيلِ " الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى " الْمَفْعُولِ " ؟ فَأَجَابَ
ابْنُ قَادِمٍ وَخَلَطَ ، فَقَالَ لَهُ
الْمُتَوَكِّلُ : أَخْطَأْتَ ، قُلْ يَا
بَكْرُ لِلْمَازِنِيِّ ، قَالَ : " بَغِيٌّ " لَيْسَ لِـ " فَعِيلٍ " ، وَإِنَّمَا هُوَ " فَعُولٌ " ، وَالْأَصْلُ فِيهِ ( بَغُويٌ ) ، فَلَمَّا الْتَقَتْ وَاوٌ وَيَاءٌ وَسُبِقَتْ إِحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ أُدْغِمَتِ الْوَاوُ فِي الْيَاءِ ، فَقِيلَ : بَغِيٌّ ، كَمَا تَقُولُ : امْرَأَةٌ صَبُورٌ ، بِغَيْرِ هَاءٍ ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى صَابِرَةٍ ، فَهَذَا حُكْمُ " فَعُولٍ " إِذَا عَدَلَ عَنْ فَاعِلِهِ ، فَإِنْ عَدَلَ عَنْ مَفْعُولِهِ جَاءَ بِالْهَاءِ ، كَمَا قَالَ :
مِنْهَا اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ حَلُوبَةً
[ ص: 424 ] بِمَعْنَى " مَحْلُوبَةٍ " حَكَاهُ
التَّوْحِيدِيُّ فِي " الْبَصَائِرِ " .
وَقَالَ
الْبَغَوِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ( يس : 78 ) وَلَمْ يَقُلْ : " رَمِيمَةٌ " ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ عَنْ فَاعِلِهِ ، وَكُلَّمَا كَانَ مَعْدُولًا عَنْ جِهَتِهِ وَوَزْنِهِ كَانَ مَصْرُوفًا عَنْ فَاعِلِهِ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ( مَرْيَمَ : 28 ) أَسْقَطَ الْهَاءَ ؛ لِأَنَّهَا مَصْرُوفَةٌ عَنْ " بَاغِيَةٍ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15194الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=118وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ( هُودٍ : 118 - 119 ) إِنَّ الضَّمِيرَ فِي ( ذَلِكَ ) يَعُودُ لِلرَّحْمَةِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ : وَ " لِتِلْكَ " لِأَنَّ تَأْنِيثَ الرَّحْمَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ( الْكَهْفِ : 98 ) وَلَمْ يَقُلْ : هَذِهِ ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : إِلَّا مَنْ رَحِمَ ( هُودٍ : 119 ) كَمَا يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمَةِ يَدُلُّ عَلَى " أَنْ يَرْحَمَ " ، وَيَجُوزُ رُجُوعُ الْكِنَايَةِ إِلَى قَوْلِهِ : إِلَّا أَنْ يَرْحَمَ ، وَالتَّذْكِيرُ فِي مَوْضِعِهِ .
قَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=119وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ( هُودٍ : 119 ) كِنَايَةً عَنِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَكَوْنِهِمْ فِيهِ أُمَّةً وَاحِدَةً ، وَلَا مَحَالَةَ أَنَّهُ لِهَذَا خَلَقَهُمْ .
وَيُطَابِقُ هَذِهِ الْآيَةَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( الذَّارِيَاتِ : 56 ) قَالَ : فَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=118وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ( هُودٍ : 118 ) فَمَعْنَاهُ الِاخْتِلَافُ فِي الدِّينِ وَالذَّهَابُ عَنِ الْحَقِّ فِيهِ بِالْهَوَى وَالشُّبُهَاتِ ، وَذَكَرَ
أَبُو مُسْلِمِ بْنُ بَحْرٍ فِيهِ مَعْنًى غَرِيبًا فَقَالَ : مَعْنَاهُ : أَنَّ خَلَفَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ يَخْلُفُ سَلَفَهُمْ فِي الْكُفْرِ ؛ لِأَنَّهُ سَوَاءٌ قَوْلُكَ : خَلَفَ
[ ص: 425 ] بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَقَوْلُكَ : اخْتَلَفُوا ، كَمَا سَوَاءٌ قَوْلُكَ : قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَقَوْلُكَ : اقْتَتَلُوا . وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : لَا أَفْعَلُهُ مَا اخْتَلَفَ الْعَصْرَانِ ، أَيْ : جَاءَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ الْآخَرِ .
وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ ( النَّحْلِ : 66 ) فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : أَيْ مِنْ بُطُونِ مَا ذَكَرْنَا .
وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : ذَكَّرَ لِأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى الْمَعْنَى ؛ يَعْنِي مَعْنَى النَّعَمِ ، وَقِيلَ : الْأَنْعَامُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ .
وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : أَرَادَ الْبَعْضَ ، أَيْ : مِنْ بُطُونِ أَيِّهَا كَانَ ذَا لَبَنٍ .
وَأَنْكَرَ
أَبُو حَاتِمٍ تَذْكِيرَ الْأَنْعَامِ ، لَكِنَّهُ أَرَادَ مَعْنَى النَّعَمِ .