ينقسم باعتبار طرفيه إلى أربعة أقسام ؛ لأنهما :
إما حسيان ، كقوله تعالى : حتى عاد كالعرجون القديم ( يس : 39 ) وقوله : كأنهم أعجاز نخل منقعر ( القمر : 20 ) .
أو عقليان ، كقوله تعالى : ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ( البقرة : 74 ) .
وإما كقوله تعالى : تشبيه المعقول بالمحسوس ، مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت ( العنكبوت : 41 ) وقوله : مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح ( إبراهيم : 18 ) وقوله : كمثل الحمار يحمل أسفارا ( الجمعة : 5 ) لأن حملهم التوراة ليس كالحمل على العاتق ، إنما هو القيام بما فيها .
أما عكسه فمنعه الإمام ؛ لأن العقل مستفاد من الحس ، ولذلك قيل : من فقد حسا فقد فقد علما ، وإذا كان المحسوس أصلا للمعقول فتشبيهه به يستلزم جعل الأصل فرعا والفرع أصلا وهو غير جائز .
وأجازه غيره كقوله :
وكأن النجوم بين دجاه سنن لاح بينهن ابتداع
[ ص: 473 ] وينقسم باعتبار آخر إلى خمسة أقسام :الأول : قد يشبه ما تقع عليه الحاسة بما لا تقع اعتمادا على معرفة النقيض والضد ، فإن إدراكهما أبلغ من إدراك الحاسة ، كقوله تعالى : كأنه رءوس الشياطين ( الصافات : 65 ) فشبه بما لا نشك أنه منكر قبيح ، لما حصل في نفوس الناس من بشاعة صور الشياطين وإن لم ترها عيانا .
الثاني : عكسه ، كقوله تعالى : والذين كفروا أعمالهم كسراب ( النور : 39 ) أخرج ما لا يحس وهو الإيمان إلى ما يحس وهو السراب ، والمعنى الجامع بطلان التوهم بين شدة الحاجة وعظم الفاقة .
الثالث : إخراج ما لم تجر العادة به إلى ما جرت به ؛ نحو : وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة ( الأعراف : 171 ) والجامع بينهما الانتفاع بالصورة ، وكذا قوله : إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء ( يونس : 24 ) والجامع البهجة والزينة ، ثم الهلاك وفيه العبرة .
الرابع : إخراج ما لا يعرف بالبديهة إلى ما يعرف بها ، كقوله : وجنة عرضها السماوات والأرض ( آل عمران : 133 ) الجامع العظم ، وفائدته التشويق إلى الجنة بحسن الصفة .
الخامس : إخراج ما لا قوة له في الصفة إلى ما له قوة فيها ، كقوله : وله الجواري المنشآت في البحر كالأعلام ( الرحمن : 24 ) والجامع فيهما العظم ، والفائدة البيان عن القدرة على تسخير الأجسام العظام في أعظم ما يكون من الماء .
وعلى هذه الأوجه تجري تشبيهات القرآن .