nindex.php?page=treesubj&link=28914التعديد
هي إيقاع الألفاظ المبددة على سياق واحد ؛ وأكثر ما يؤخذ في الصفات ؛ ومقتضاها ألا يعطف بعضها على بعض لاتحاد محلها ، ولجريها مجرى الوصف في الصدق على ما صدق ؛ ولذلك يقل عطف بعض صفات الله تعالى على بعض في التنزيل ، وذلك كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255الله لا إله إلا هو الحي القيوم ( البقرة : 255 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=24الخالق البارئ المصور ( الحشر : 24 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=23الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار ( الحشر : 23 ) .
وإنما عطف قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=3هو الأول والآخر والظاهر والباطن ( الحديد : 3 ) لأنها أسماء متضادة المعاني في موضوعها ، فرفع الوهم بالعطف عمن يستبعد ذلك في ذات واحدة ؛ لأن الشيء الواحد لا يكون ظاهرا باطنا من وجه واحد ، وكان العطف فيه أحسن ، ولذلك عطف " الناهون " على " الآمرون " و " أبكارا " على " ثيبات " ، من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله ( التوبة : 112 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا ( التحريم : 5 ) فجاء العطف لأنه لا يمكن اجتماعهما في محل واحد بخلاف ما قبله .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول ( غافر : 3 ) إنما عطف فيه بعضا ولم يعطف بعضا ، لأن غافرا وقابلا يشعران بحدوث المغفرة والقبول ، وهما من صفات الأفعال ، وفعله في غيره لا في نفسه ، فدخل العطف للمغايرة لتنزلهما منزلة
[ ص: 519 ] الجملتين ؛ تنبيها على أنه سبحانه يفعل هذا ويفعل هذا ، وأما شديد العقاب فصفة مشبهة ، وهي تشعر بالدوام والاستمرار ، فتدل على القوة ، ويشبه ذلك صفات الذات .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3ذي الطول ( غافر : 3 ) المراد به ذاته ، فترك العطف لاتحاد المعنى .
وقد جاء قليلا في غير الصفات ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات . . . ( الأحزاب : 35 ) الآية ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : العطف الأول كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5ثيبات وأبكارا في أنهما جنسان مختلفان ، إذا اشتركا في حكم لم يكن بد من توسيط العاطف بينهما ، وأما العطف الثاني فمن عطف الصفة على الصفة بحرف الجمع ، فكان معناه أن الجامعين والجامعات لهذه الصفات أعد لهم مغفرة . انتهى .
وقال بعضهم : الصفات المتعاطفة إن علم أن موصوفها واحد من كل وجه كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب وقابل التوب ( غافر : 3 ) فإن الموصوف الله ، وإما في النوع كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5ثيبات وأبكارا ( التحريم : 5 ) فإن الموصوف الأزواج ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ( التوبة : 112 ) فإن الموصوف النوع الجامع للصفات المتقدمة ، وإن لم يعلم أن موصوفها واحد من جهة وضع اللفظ ، فإن دل دليل على أنه من عطف الصفات اتبع كهذه الآية ، فإن هذه الأعداد لمن جمع الطاعات العشر لا لمن انفرد بواحدة منها ؛ إذ الإسلام والإيمان كل منهما شرطه في الآخر ، وكلاهما شرط في حصول الأجر على البواقي ، ومن كان مسلما مؤمنا فله أجره ، ولكن ليس هذا الأجر العظيم الذي أعده الله في هذه الآية الكريمة وقرن به إعداد المغفرة زائدا على المغفرة ، فلخصوص هذه الآية جعل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ذلك من عطف الصفات والموصوف واحد ، فلو لم يكن كذلك واحتمل تقدير موصوف مع كل صفة وعدمه ، حمل على التقدير ؛ فإن ظاهر العطف التغاير ، ولا يقال : الأصل عدم التقدير ؛ لأن الظاهر يقدم على رعاية ذلك الأصل .
ومثاله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إنما الصدقات للفقراء والمساكين . . . ( التوبة : 60 ) الآية ، ولو كان من عطف الصفات لم يستحق الصدقة إلا من جمع الصفات الثماني ، ولذلك إذا وقف على الفقهاء والنحاة والفقراء استحق من فيه إحدى الصفات .
nindex.php?page=treesubj&link=28914التَّعْدِيدُ
هِيَ إِيقَاعُ الْأَلْفَاظِ الْمُبَدَّدَةِ عَلَى سِيَاقٍ وَاحِدٍ ؛ وَأَكْثَرُ مَا يُؤْخَذُ فِي الصِّفَاتِ ؛ وَمُقْتَضَاهَا أَلَّا يُعْطَفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِاتِّحَادِ مَحَلِّهَا ، وَلِجَرْيِهَا مَجْرَى الْوَصْفِ فِي الصِّدْقِ عَلَى مَا صَدَقَ ؛ وَلِذَلِكَ يَقِلُّ عَطْفُ بَعْضِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى بَعْضٍ فِي التَّنْزِيلِ ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ( الْبَقَرَةِ : 255 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=24الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ( الْحَشْرِ : 24 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=23الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ ( الْحَشْرِ : 23 ) .
وَإِنَّمَا عُطِفَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=3هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ( الْحَدِيدِ : 3 ) لِأَنَّهَا أَسْمَاءٌ مُتَضَادَّةُ الْمَعَانِي فِي مَوْضُوعِهَا ، فَرَفَعَ الْوَهْمَ بِالْعَطْفِ عَمَّنْ يَسْتَبْعِدُ ذَلِكَ فِي ذَاتٍ وَاحِدَةٍ ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ ظَاهِرًا بَاطِنًا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ ، وَكَانَ الْعَطْفُ فِيهِ أَحْسَنَ ، وَلِذَلِكَ عَطَفَ " النَّاهُونَ " عَلَى " الْآمِرُونَ " وَ " أَبْكَارًا " عَلَى " ثَيِّبَاتٍ " ، مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ( التَّوْبَةِ : 112 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ( التَّحْرِيمِ : 5 ) فَجَاءَ الْعَطْفُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ( غَافِرٍ : 3 ) إِنَّمَا عَطَفَ فِيهِ بَعْضًا وَلَمْ يَعْطِفْ بَعْضًا ، لِأَنَّ غَافِرًا وَقَابِلًا يُشْعِرَانِ بِحُدُوثِ الْمَغْفِرَةِ وَالْقَبُولِ ، وَهُمَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ ، وَفِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ لَا فِي نَفْسِهِ ، فَدَخَلَ الْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ لِتَنَزُّلِهِمَا مَنْزِلَةَ
[ ص: 519 ] الْجُمْلَتَيْنِ ؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَفْعَلُ هَذَا وَيَفْعَلُ هَذَا ، وَأَمَّا شَدِيدُ الْعِقَابِ فَصِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ ، وَهِيَ تُشْعِرُ بِالدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ ، فَتَدُلُّ عَلَى الْقُوَّةِ ، وَيُشْبِهُ ذَلِكَ صِفَاتِ الذَّاتِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3ذِي الطَّوْلِ ( غَافِرٍ : 3 ) الْمُرَادُ بِهِ ذَاتُهُ ، فَتَرَكَ الْعَطْفَ لِاتِّحَادِ الْمَعْنَى .
وَقَدْ جَاءَ قَلِيلًا فِي غَيْرِ الصِّفَاتِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ . . . ( الْأَحْزَابِ : 35 ) الْآيَةَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْعَطْفُ الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا فِي أَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ ، إِذَا اشْتَرَكَا فِي حُكْمٍ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَوْسِيطِ الْعَاطِفِ بَيْنَهُمَا ، وَأَمَّا الْعَطْفُ الثَّانِي فَمِنْ عِطْفِ الصِّفَةِ عَلَى الصِّفَةِ بِحِرَفِ الْجَمْعِ ، فَكَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْجَامِعِينَ وَالْجَامِعَاتِ لِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَعَدَّ لَهُمْ مَغْفِرَةً . انْتَهَى .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الصِّفَاتُ الْمُتَعَاطِفَةُ إِنْ عُلِمَ أَنَّ مَوْصُوفَهَا وَاحِدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ ( غَافِرٍ : 3 ) فَإِنَّ الْمَوْصُوفَ اللَّهُ ، وَإِمَّا فِي النَّوْعِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ( التَّحْرِيمِ : 5 ) فَإِنَّ الْمَوْصُوفَ الْأَزْوَاجُ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ( التَّوْبَةِ : 112 ) فَإِنَّ الْمَوْصُوفَ النَّوْعُ الْجَامِعُ لِلصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ مَوْصُوفَهَا وَاحِدٌ مِنْ جِهَةِ وَضْعِ اللَّفْظِ ، فَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الصِّفَاتِ اتُّبِعَ كَهَذِهِ الْآيَةِ ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَعْدَادَ لِمَنْ جَمَعَ الطَّاعَاتِ الْعَشْرَ لَا لِمَنِ انْفَرَدَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا ؛ إِذِ الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ كُلٌّ مِنْهُمَا شَرْطُهُ فِي الْآخَرِ ، وَكِلَاهُمَا شَرْطٌ فِي حُصُولِ الْأَجْرِ عَلَى الْبَوَاقِي ، وَمَنْ كَانَ مُسْلِمًا مُؤْمِنًا فَلَهُ أَجْرُهُ ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا الْأَجْرُ الْعَظِيمُ الَّذِي أَعَدَّهُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَقَرَنَ بِهِ إِعْدَادَ الْمَغْفِرَةِ زَائِدًا عَلَى الْمَغْفِرَةِ ، فَلِخُصُوصِ هَذِهِ الْآيَةِ جَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ذَلِكَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَاتِ وَالْمَوْصُوفُ وَاحِدٌ ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَاحْتَمَلَ تَقْدِيرَ مَوْصُوفٍ مَعَ كُلِّ صِفَةٍ وَعَدَمِهِ ، حُمِلَ عَلَى التَّقْدِيرِ ؛ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْعَطْفِ التَّغَايُرُ ، وَلَا يُقَالُ : الْأَصْلُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُقَدَّمُ عَلَى رِعَايَةِ ذَلِكَ الْأَصْلِ .
وَمِثَالُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ . . . ( التَّوْبَةِ : 60 ) الْآيَةَ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَاتِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الصَّدَقَةَ إِلَّا مَنْ جَمَعَ الصِّفَاتِ الثَّمَانِي ، وَلِذَلِكَ إِذَا وَقَفَ عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالنُّحَاةِ وَالْفُقَرَاءِ اسْتَحَقَّ مَنْ فِيهِ إِحْدَى الصِّفَاتِ .