مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وفي الدية . ذهاب الشم
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وقد حكى بعض الرواة عن عمرو بن حزم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في كتابه إلى اليمن : وفي الشم الدية ، ولأن الشم من الحواس النافعة فأشبه حاسة السمع والبصر ، وهو من الأمور المغيبة التي لا ترى ولا تعلم إلا من صاحبها ، فإن كان القول فيه قول المجني عليه ، لأن ذهابه لا يعرف إلا من جهته لكن يستظهر عليه بغاية ما يمكن في اختبار صدقه بأن يثار عليه في أوقات غفلاته الروائح الطيبة والمنتنة مرة بعد أخرى فإن كان لا يرتاح إلى الروائح الطيبة ولا يظهر منه كراهة للروائح المنتنة دل ذلك على صدقه ، فكان القول فيه قوله مع يمينه ، لإمكان تصنعه ، وإن وجد منه الارتياح للروائح الطيبة والكراهة للروائح المنتنة ، صار الظاهر بها في جنبة الجاني فأحلف على بقاء شمه ، ولا شيء عليه فلو ادعى المجني عليه ذهاب شمه وأنكره الجاني وادعى بقاءه - كان القول فيه قول المجني عليه دون الجاني ، ويحكم له بالدية لاحتمال ما قاله . أحلف المجني عليه على ذهاب شمه ثم غطى أنفه عند رائحة منتنة فادعى الجاني أنه غطاه لبقاء شمه . وقال المجني عليه : بل غطيته لحاجة أو عادة