الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولو ذهب شمه وقضى له بالدية ثم عاد شمه لزمه رد الدية ، وعلم أن ذهاب شمه كان لحائل دونه ، ولا حكومة له في المدة التي لم يشم فيها ، لبقاء شمه إلا أن يكون بعد عوده أضعف منه قبل ذهابه ، لأنه كان يشم من قريب وبعيد فصار يشم من القريب ، ولا يشم من البعيد ، أو كان يشم الروائح القوية والضعيفة فصار يشم الروائح القوية دون الضعيفة ، فإن علم قدر الذاهب منه ، ولا أحسبه يعلم - كان فيه من الدية بقسط الذاهب ، فإن لم يعلم ففيه حكومة .

                                                                                                                                            ولو كان في أصل خلقته يشم شما ضعيفا وذلك بأن يشم من القريب أو القوي من [ ص: 261 ] الروائح دون الضعيف فجنى عليه فأذهب شمه صار لا يشم قويا ولا ضعيفا من قريب ولا بعيد ففيه وجهان محتملان :

                                                                                                                                            أحدهما : فيه الدية كاملة ، لأن الحواس تختلف بالقوة والضعف كالأعضاء التي لا تختلف الدية باختلاف قوتها وضعفها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الموجود كان فيه بعض الشم فلم يلزم في إذهابه إلا بعض الدية ، بخلاف ضعف الأعضاء الذي يوجد جنس المنافع فيها .

                                                                                                                                            فعلى هذا إن علم قدر ما كان ذاهبا من شمه ففيه من الدية بقسطه ، وإن لم يعلم ففيه حكومة يجتهد الحاكم فيها رأيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية