مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ففيها حكومة ( وقال ) في كتاب عقولها ثم عقلها ( قال ولو ضربها فاسودت المزني ) رحمه الله : الحكومة أولى لأن منفعتها بالقطع والمضغ ورد الريق وسد موضعها قائمة كما لو اسود بياض العين لم يكن فيها إلا حكومة لأن منفعتها بالنظر قائمة .
قال الماوردي : أما إذا ففيها حكومة إذا لم يذهب شيء من منافعها ، وحكومة الخضرة أكثر من حكومة الصفرة ، لأنها أقبح ، فأما إن ضربها فاسودت فقد قال ضرب سنه فاصفرت أو اخضرت الشافعي هاهنا : فيها حكومة كما لو اصفرت أو اخضرت ، وقال في كتاب العقل : ثم عقلها . فاختلف أصحابنا فكان المزني والمتقدمون منهم يخرجون ذلك على اختلاف قولين :
أحدهما : فيها حكومة واختاره المزني ، لبقاء منافعها بعد سوادها ، كما لبقاء نظرها بعد سواد البياض . لو جنى على عينه فاسود بياضها
[ ص: 278 ] والقول الثاني : فيها الدية تامة ، لذهاب جمالها بالسواد ، وذهب جمهور أصحابنا ومتأخروهم إلى أن ذلك على اختلاف حالين وليس على اختلاف قولين ، والمواضع الذي أوجب فيها حكومة إذا كانت باقية المنافع والمواضع الذي أوجب فيها الدية إذا ذهبت منافعها ، وهذا أشبه ، لأنه قد بقي بعد اسودادها أكثر جمالها وهو سر موضعها فلم يجز أن يجب فيها مع بقاء أكثر جمالها وجميع منافعها دية .
فلو قلع سنا سوداء سئل عنها أهل العلم بها فإن قالوا : اسودادها من غذاء أو طول مكث كملت فيها الدية .
وإن قالوا : من مرض كان في كمال ديتها قولان على اختلافهما في السن إذا ذهب بعض منافعها والله أعلم .