مسألة : قال الشافعي رحمه الله : وفي الدية . اليدين
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وهو نص السنة ، وروى معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وفي اليدين الدية ولأنهما من أعظم الأعضاء نفعا في البطش والعمل ، وفي نصف الدية لرواية إحدى اليدين عمرو بن حزم اليمن : وفي اليد خمسون من الإبل وإذا كان كذلك فاليد التي تكمل فيها الدية أن تقطع من مفصل الكف ، فإن قطعها من الذراع أو العضد وجب في الكف دية وفيما زاد من الذراع حكومة ، فإن زاد إلى العضد كانت الحكومة فيه أكثر ، وقال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في كتابه إلى سفيان الثوري : إن قطعها من المرفق فليس عليه إلا دية ، وإن زاد على المرفق ففي الزيادة حكومة ، لأن حكم اليد يستوعبها إلى الذراع ويفارقها بعده كالوضوء .
وقال أبو عبيد بن حربويه من أصحابنا : الاسم يتناولها إلى المنكب ، وليس عليه إذا استوعب قطعها إلى المنكب إلا الدية دون الحكومة ، لأن عمار بن ياسر تيمم حين أطلق ذكر اليد في التيمم إلى المناكب تعويلا على مطلق الاسم حتى قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنما يكفيك ضربة لوجهك وضربة لذراعك وكلا المذهبين خطأ لقول الله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق [ المائدة : 6 ] فلو اقتضى إطلاق اليد إلى المرفق لاقتصر على الإطلاق ولما قيدها بالمرافق ، فبطل قول سفيان ، ولما جعل المرفق غاية دل على أن حد اليد ما دون الغاية فبطل به قول أبي عبيد ، ولأن الله تعالى قال : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما [ المائدة : 38 ] وقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده من مفصل الكف دل على أنها هي اليد لغة وشرعا ، ولأن الدية تكمل في الرجل إذا قطعت من مفصل القدم : لأنها تقطع منه في السرقة ، كذلك اليد لما قطعت في السرقة من الكف وجب أن تختص بكمال الدية .