فصل : وأما القسم الرابع وهو  أن يحفرها في طريق سابل   ، فهذا على ضربين :  
أحدهما : أن يضر حفرها بالمارة فيصير متعديا فيلزمه ضمان ما سقط فيها ، سواء أذن له الإمام أو لم يأذن ، لأن إذن الإمام لا يبيح المحظورات .  
والضرب الثاني : أن لا تضر بالمارة : لسعة الطريق وانحراف البئر عن جادة المارة فهذا على ضربين :  
أحدهما : أن يحفرها ليتملكها فهذا محظور : لأنه لا يجوز أن يتملك طريق السابلة فيلزمه ضمان ما سقط فيها .  
والضرب الثاني : أن يحفرها للارتفاق لا للتمليك ، فإن لم يحكم رأسها وتركها مفتوحة ضمن ما سقط فيها ، وإن أحكم رأسها واستأذن فيها الإمام لم يضمن ، وإن لم يستأذنه فيها ففي وجوب ضمانه ثلاثة أوجه :  
أحدها : وهو قياس قوله في القديم يضمن ، لأنه جعل إذن الإمام شرطا في عموم المصالح .  
والوجه الثاني : لا يضمن للارتفاق الذي لا يجد الناس منه بدا .  
والوجه الثالث : أنه إن حفرها لارتفاق كافة المسلمين بها ، إما لشربهم منها ، وإما ليفيض مياه الأمطار إليها فلا ضمان عليه ، وإن حفرها ليختص بالارتفاق بها لحشر داره أو لماء مطرها فعليه الضمان : لأن عموم المصالح أوسع حكما من      [ ص: 375 ] خصوصها ، وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -  البئر جبار والمعدن جبار  وفيه تأويلان :  
أحدهما : المراد به الأجير في حفر البئر والمعدن إذا تلف كان هدرا .  
والثاني : أن ما سقط فيها بعد الحفر هدر ، ولا يمتنع أن يحمل على عموم الأمرين فيما استبيح فعله وإن أريد به أحدهما لاشتراكهما في المعنى .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					