الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
القسم الحادي عشر إطلاق المثنى وإرادة الواحد كقوله تعالى : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ( الرحمن : 22 ) وإنما يخرج من أحدهما .

ونظيره قوله تعالى : ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وإنما تخرج الحلية من الملح ، وقد غلط في هذا المعنى أبو ذؤيب الهذلي حيث قال يذكر الدرة :

فجاء بها ما شئت من لطمية يدوم الفرات فوقها ويموج

[ ص: 91 ] والفرات لا يدوم فوقها ; وإنما يدوم الأجاج .

وقال أبو علي في قوله تعالى : على رجل من القريتين عظيم ( الزخرف : 31 ) : إن ظاهر اللفظ يقتضي أن يكون من مكة والطائف جميعا ; ولما لم يمكن أن يكون منهما دل المعنى على تقدير : " رجل من إحدى القريتين " .

وقوله تعالى : وجعل القمر فيهن نورا ( نوح : 16 ) أي : في إحداهن .

وقوله تعالى : نسيا حوتهما ( الكهف : 61 ) والناسي كان يوشع بدليل قوله لموسى : فإني نسيت الحوت ( الكهف : 63 ) ولكن أضيف النسيان لهما جميعا ; لسكوت موسى عنه .

وقوله تعالى : فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ( البقرة : 203 ) والتعجيل يكون في اليوم الثاني ، وقوله : ومن تأخر فلا إثم عليه ( البقرة : 203 ) قيل : إنه من هذا أيضا ، وإن موضع الإثم والتعجيل يجعل المتأخر الذي لم يقصر مثل ما جعل للمقصر ، ويحتمل أن يراد : لا يقولن أحدهما لصاحبه : أنت مقصر ; فيكون المعنى : لا يؤثم أحدهما صاحبه .

وقوله تعالى : ولأبويه لكل واحد منهما السدس ( النساء : 11 ) .

وقوله تعالى : جعلا له شركاء ( الأعراف : 190 ) أي : أحدهما ، على أحد القولين .

وقوله تعالى : فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به فالجناح على الزوج لأنه أخذ ما أعطى ; قال أبو بكر الصيرفي : المعنى : فإن [ ص: 92 ] خيف من أحدهما ذلك جازت الفدية ، وليس الشرط أن يجتمعا على عدم الإقامة .

وقوله تعالى : ألقيا في جهنم ( ق : 24 ) قيل : هو خطاب للملك .

وقال المبرد : ثناه على " ألق " والمعنى : ألق ألق ، وكذلك القول في " قفا " وخالفه أبو إسحاق ، وقال : بل هو مخاطبة للملكين .

وقال الفراء في قوله تعالى : فبأي آلاء ربكما تكذبان ( الرحمن : 13 ) قال يخاطب الإنسان مخاطبة بالتثنية .

وجعل منه قوله تعالى : ولمن خاف مقام ربه جنتان وقوله تعالى : جنتين فقيل : جنة واحدة بدليل قوله تعالى آخر الآية : ودخل جنته ( الكهف : 35 ) فأفرد بعد ما ثنى .

وقوله : كلتا الجنتين آتت أكلها ( الكهف : 33 ) فإنه ما ثنى إلا للإشعار بأن لها وجهين ، وأنك إذا نظرت عن يمينك ويسارك رأيت في كلتا الناحيتين ما يملأ عينيك قرة ، وصدرك مسرة .

وقوله تعالى : أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ( المائدة : 116 ) ، وإنما المتخذ إلها عيسى دون مريم ، فهو من باب : " والنجوم الطوالع " قاله أبو [ ص: 93 ] الحسن ، وحكاه عنه ابن جني في كتاب " القد " وعليه حمل ابن جني وغيره قول امرئ القيس :

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

ويؤيده قوله بعده :

أصاح ترى برقا أريك وميضه

وقول الفرزدق :

عشية سال المربدان كلاهما     سحابة موت بالسيوف الصوارم

وإنما هو مربد البصرة فقط .

وقوله : " ودار لها بالرقمتين " .

وقوله : " ببطن المكتين " .

[ ص: 94 ] وقول جرير :

لما مررت بالديرين أرقني     صوت الدجاج وقرع بالنواقيس

قالوا : أراد " دير الوليد " فثناه باعتبار ما حوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية