وأيضا فلفظ الآية إنما هو خبر عن
nindex.php?page=treesubj&link=32496النصر مع الصبر ، وذلك يتضمن وجوب المصابرة للضعف ، ولا يتضمن سقوط ذلك عما زاد عن الضعف مطلقا ، بل يقتضي أن الحكم فيما زاد على الضعفين بخلافه ، فيكون أكمل فيه ، فإذا كان المؤمنون ظالمين لم يجب عليهم أن يصابروا أكثر من ضعفيهم ، وأما إذا كانوا هم المظلومين وقتالهم قتال وقع عن أنفسهم فقد تجب المصابرة كما وجبت عليهم المصابرة يوم
أحد ويوم
الخندق ، مع أن العدو كانوا أضعافهم . وذم الله المنهزمين يوم
أحد والمعرضين عن الجهاد يوم
الخندق في سورة آل عمران والأحزاب ، بما هو ظاهر معروف .
[ ص: 324 ]
وإذا كانت الآية لا تنفي وجوب المصابرة لما زاد على الضعفين في كل حال ، فأن لا تنفي الاستحباب [و] الجواز مطلقا أولى وأحرى .
فإن قيل : قد قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . وإذا قاتل الرجل في موضع فغلب على ظنه أنه يقتل فقد ألقى بيده إلى التهلكة .
[قيل] : تأويل الآية على هذا غلط ، ولهذا ما زال الصحابة والأئمة ينكرون على من يتأول الآية على ذلك ، كما ذكرنا أن رجلا حمل وحده على العدو ، فقال الناس : ألقى بيده إلى التهلكة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : كلا ولكنه ممن قال الله فيه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=207ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله .
وأيضا فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد ابن أبي حبيب -عالم أهل
مصر من التابعين-
nindex.php?page=hadith&LINKID=674074عن أسلم أبي عمران قال : غزونا بالمدينة نريد القسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة ، فحمل رجل على العدو; فقال الناس : لا إله إلا الله! يلقي بيده إلى التهلكة ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=50أبو أيوب : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار ، لما نصر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأظهر الإسلام قلنا : هلم نقم في أموالنا ونصلحها ، فأنزل الله عز وجل : [ ص: 325 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد . قال أبو عمران : فلم يزل nindex.php?page=showalam&ids=50أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : هذا حديث صحيح غريب .
nindex.php?page=treesubj&link=34044 nindex.php?page=showalam&ids=50وأبو أيوب من أجل السابقين الأولين من الأنصار قدرا ، وهو الذي نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته لما قدم مهاجرا من
مكة إلى
المدينة .
ورهطه
بنو النجار هم خير دور
الأنصار ، كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقبره
بالقسطنطينية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : بلغني أن أهل
القسطنطينية إذا أجدبوا كشفوا عن قبره فيستقون .
وقد أنكر
nindex.php?page=showalam&ids=50أبو أيوب على من جعل المنغمس في العدو ملقيا بيده إلى التهلكة دون المجاهدين في سبيل الله ، ضد ما يتوهمه هؤلاء الذين يحرفون كلام الله عن مواضعه; فإنهم يتأولون الآية على ما فيه ترك الجهاد في سبيل الله . والآية إنما هي أمر بالجهاد في سبيل الله ، ونهي عما يصد عنه .
والأمر في هذه الآية ظاهر كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=50وأبو أيوب وغيرهما من سلف الأمة; وذلك أن الله قال قبل هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=190وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193وقاتلوهم [ ص: 326 ] حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين .
فهذه الآيات كلها في
nindex.php?page=treesubj&link=7918الأمر بالجهاد في سبيل الله وإنفاق المال في سبيل الله ، فلا تناسب ما يضاد ذلك من النهي عما يكمل به الجهاد وإن كان فيه تعريض النفس للشهادة ، إذ الموت لا بد منه ،
nindex.php?page=treesubj&link=25561وأفضل الموت موت الشهداء . فإن الأمر بالشيء لا يناسب النهي عن إكماله ، ولكن المناسب لذلك النهي عما يضل عنه; والمناسب لذلك ما ذكر في الآية من النهي عن العدوان ، فإن الجهاد فيه البلاء للأعداء; والنفوس قد لا تقف عند حدود الله بل تتبع أهواءها في ذلك ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=190ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين . فنهى عن العدوان; لأن ذلك أمر بالتقوى ، والله مع المتقين كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين . وإذا كان الله معهم نصرهم وأيدهم على عدوهم فالأمر بذلك أيسر ، كما يحصل مقصود الجهاد به .
وأيضا فإنه في أول الآية قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وأنفقوا في سبيل الله ، وفي آخرها قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وأحسنوا إن الله يحب المحسنين فدل ذلك على ما رواه أبو أيوب من [أن] إمساك المال والبخل عن إنفاقه في سبيل الله والاشتغال به هو التهلكة .
وَأَيْضًا فَلَفْظُ الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=32496النَّصْرِ مَعَ الصَّبْرِ ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ وُجُوبَ الْمُصَابَرَةِ لِلضِّعْفِ ، وَلَا يَتَضَمَّنُ سُقُوطَ ذَلِكَ عَمَّا زَادَ عَنِ الضِّعْفِ مُطْلَقًا ، بَلْ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ فِيمَا زَادَ عَلَى الضِّعْفَيْنِ بِخِلَافِهِ ، فَيَكُونُ أَكْمَلَ فِيهِ ، فَإِذَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ ظَالِمِينَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَابِرُوا أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفَيْهِمْ ، وَأَمَّا إِذَا كَانُوا هُمُ الْمَظْلُومِينَ وَقِتَالُهُمْ قِتَالٌ وَقَعَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَقَدْ تَجِبُ الْمُصَابَرَةُ كَمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمُ الْمُصَابَرَةُ يَوْمَ
أُحُدٍ وَيَوْمَ
الْخَنْدَقِ ، مَعَ أَنَّ الْعَدُوَّ كَانُوا أَضْعَافَهُمْ . وَذَمَّ اللَّهُ الْمُنْهَزِمِينَ يَوْمَ
أُحُدٍ وَالْمُعْرِضِينَ عَنِ الْجِهَادِ يَوْمَ
الْخَنْدَقِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَالْأَحْزَابِ ، بِمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَعْرُوفٌ .
[ ص: 324 ]
وَإِذَا كَانَتِ الْآيَةُ لَا تَنْفِي وُجُوبَ الْمُصَابَرَةِ لِمَا زَادَ عَلَى الضِّعْفَيْنِ فِي كُلِّ حَالٍ ، فَأَنْ لَا تَنْفِيَ الِاسْتِحْبَابَ [وَ] الْجَوَازَ مُطْلَقًا أَوْلَى وَأَحْرَى .
فَإِنْ قِيلَ : قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ . وَإِذَا قَاتَلَ الرَّجُلُ فِي مَوْضِعٍ فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ فَقَدْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ .
[قِيلَ] : تَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا غَلَطٌ ، وَلِهَذَا مَا زَالَ الصَّحَابَةُ وَالْأَئِمَّةُ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَتَأَوَّلُ الْآيَةَ عَلَى ذَلِكَ ، كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّ رَجُلًا حَمَلَ وَحْدَهُ عَلَى الْعَدُوِّ ، فَقَالَ النَّاسُ : أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : كَلَّا وَلَكِنَّهُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=207وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ .
وَأَيْضًا فَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=17346يَزِيدَ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ -عَالِمِ أَهْلِ
مِصْرَ مِنَ التَّابِعِينَ-
nindex.php?page=hadith&LINKID=674074عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ : غَزَوْنَا بِالْمَدِينَةِ نُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، وَالرُّومُ مُلْصِقُو ظُهُورِهِمْ بِحَائِطِ الْمَدِينَةِ ، فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى الْعَدُوِّ; فَقَالَ النَّاسُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! يُلْقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ ، فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=50أَبُو أَيُّوبَ : إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، لَمَّا نَصَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ قُلْنَا : هَلُمَّ نُقِمْ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحْهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : [ ص: 325 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ . فَالْإِلْقَاءُ بِالْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحَهَا وَنَدَعَ الْجِهَادَ . قَالَ أَبُو عُمْرَانَ : فَلَمْ يَزَلْ nindex.php?page=showalam&ids=50أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=34044 nindex.php?page=showalam&ids=50وَأَبُو أَيُّوبَ مِنْ أَجْلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْرًا ، وَهُوَ الَّذِي نَزَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ لَمَّا قَدِمَ مُهَاجِرًا مِنْ
مَكَّةَ إِلَى
الْمَدِينَةِ .
وَرَهْطُهُ
بَنُو النَّجَّارِ هُمْ خَيْرُ دُورِ
الْأَنْصَارِ ، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَبْرُهُ
بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : بَلَغَنِي أَنَّ أَهْلَ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ إِذَا أَجْدَبُوا كَشَفُوا عَنْ قَبْرِهِ فَيَسْتَقُونَ .
وَقَدْ أَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=50أَبُو أَيُّوبَ عَلَى مَنْ جَعَلَ الْمُنْغَمِسَ فِي الْعَدُوِّ مُلْقِيًا بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ دُونَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ضِدَّ مَا يَتَوَهَّمُهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُحَرِّفُونَ كَلَامَ اللَّهِ عَنْ مَوَاضِعِهِ; فَإِنَّهُمْ يَتَأَوَّلُونَ الْآيَةَ عَلَى مَا فِيهِ تَرْكُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . وَالْآيَةُ إِنَّمَا هِيَ أَمْرٌ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَنَهْيٌ عَمَّا يَصُدُّ عَنْهُ .
وَالْأَمْرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=50وَأَبُو أَيُّوبَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=190وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهِ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193وَقَاتِلُوهُمْ [ ص: 326 ] حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامُ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهِ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .
فَهَذِهِ الْآيَاتُ كُلُّهَا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7918الْأَمْرِ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْفَاقِ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَلَا تَنَاسُبَ مَا يُضَادُّ ذَلِكَ مِنَ النَّهْيِ عَمَّا يُكْمِلُ بِهِ الْجِهَادَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْرِيضُ النَّفْسِ لِلشَّهَادَةِ ، إِذِ الْمَوْتُ لَا بُدَّ مِنْهُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=25561وَأَفْضَلُ الْمَوْتِ مَوْتُ الشُّهَدَاءِ . فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ لَا يُنَاسِبُ النَّهْيَ عَنْ إِكْمَالِهِ ، وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِذَلِكَ النَّهْيِ عَمَّا يُضِلُّ عَنْهُ; وَالْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْعُدْوَانِ ، فَإِنَّ الْجِهَادَ فِيهِ الْبَلَاءُ لِلْأَعْدَاءِ; وَالنُّفُوسُ قَدْ لَا تَقِفُ عِنْدَ حُدُودِ اللَّهِ بَلْ تَتَّبِعُ أَهْوَاءَهَا فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=190وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ . فَنَهَى عَنِ الْعُدْوَانِ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ بِالتَّقْوَى ، وَاللَّهُ مَعَ الْمُتَّقِينَ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ . وَإِذَا كَانَ اللَّهُ مَعَهُمْ نَصَرَهُمْ وَأَيَّدَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ فَالْأَمْرُ بِذَلِكَ أَيْسَرُ ، كَمَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْجِهَادِ بِهِ .
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَفِي آخِرِهَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو أَيُّوبَ مِنْ [أَنَّ] إِمْسَاكَ الْمَالِ وَالْبُخْلَ عَنْ إِنْفَاقِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ هُوَ التَّهْلُكَةُ .