وفي هذه السنة : على الوفد الذين وفدوا إليه مع معاوية عبيد الله بن زياد البيعة لابنه يزيد ، وعهد إلى ابنه أخذ يزيد حين مرض فيها ، فقال له : يا بني ، إني قد كفيتك الرحلة والترحال ، ووطأت لك الأشياء ، وذللت لك الأعداء ، وأخضعت لك أعناق العرب ، وإني لأتخوف عليك أن ينازعك في هذا الأمر الذي أسندت لك إلا أربعة نفر من قريش : ، الحسين بن علي ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير . فأما وعبد الرحمن بن أبي بكر فرجل قد وقذته العبادة ، وإذا لم يبق أحد غيره بايعك . وأما عبد الله بن عمر الحسين فإن أهل العراق لن يدعوه حتى يخرجوه ، فإن خرج عليك فظفرت به فاصفح عنه ، فإن له رحما ماسة وحقا عظيما وأما ابن أبي بكر فليست له همة إلا في النساء واللهو ، فإن رأى أصحابه صنعوا شيئا صنع مثلهم ، وأما الذي يجثم جثوم الأسد ويراوغك مراوغة الثعلب فإذا أمكنته فرصة وثب فابن الزبير ، فإن هو فعلها بك فقدرت عليه فقطعه إربا إربا .
[ ص: 321 ] ولما اشتد مرض كان معاوية يزيد غائبا ، فدعا بالضحاك بن قيس الفهري - وكان صاحب شرطته - ومسلم بن عقبة المري فأوصى إليهما فقال : بلغا يزيد وصيتي : انظر أهل الحجاز فإنهم أهلك ، فأكرم من قدم عليك منهم ، وتعاهد من غاب ، وانظر أهل العراق ، فإن سألوك أن تعزل كل يوم عاملا فافعل ، فإن عزل عامل أحب إلي من أن تشهر عليك مائة ألف سيف ، وانظر أهل الشام ، فليكونوا بطانتك وعيبتك ، فإن رابك شيء من عدوك فانتصر بهم ، فإذا أصبتهم فاردد أهل الشام إلى بلادهم .