الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ خروج علي رضي الله عنه إلى الربذة يريد البصرة ]

وحدثنا سيف ، عن سهل بن يوسف ، عن القاسم بن محمد ، قال: جاء عليا الخبر [عن طلحة والزبير وأم المؤمنين ] فأمر على المدينة تمام بن العباس ، وبعث إلى مكة قثم بن العباس ، وخرج وهو يرجو أن يأخذهم بالطريق ، فاستبان له بالربذة أن قد فاتوه .

وحدثنا سيف ، عن محمد وطلحة ، قالا: خرج علي رضي الله عنه على تعبيته التي تعبى بها إلى الشام ، وخرج معه من نشط من الكوفيين والبصريين متخففين في تسعمائة رجل ، وهو يرجو أن يدركهم فيحول بينهم وبين الخروج .

وحدثنا سيف ، عن خالد بن مهران البجلي ، عن مروان بن عبد الرحمن الخميسي ، عن طارق بن شهاب ، قال: خرجنا من الكوفة معتمرين [حين أتانا قتل عثمان رضي الله عنه] ، فلما انتهينا إلى الربذة إذا الرفاق يحدو بعضهم بعضا ، فقلت: ما هذا؟ قالوا: أمير المؤمنين ، فأتيته ، فلما انصرف من الصلاة أتاه ابنه الحسن ، فجلس فقال: قد أمرتك فعصيتني ، فتقتل غدا بمضيعة لا ناصر لك . قال علي رضي الله عنه: لا تزال تخن خنين الجارية ، [ ص: 83 ] وما الذي أمرتني فعصيتك؟ قال: أمرتك يوم أحيط بعثمان رضي الله عنه أن تخرج من المدينة فيقتل ولست بها ، ثم أمرتك يوم قتل ألا تبايع حتى يأتيك وفود العرب وبيعة كل مصر ، ثم أمرتك حين فعل هذان الرجلان ما فعلا أن تجلس في بيتك حتى يصطلحوا ، فإن كان الفساد كان على يدي غيرك ، فعصيتني في ذلك كله .

فقال: أي بني [أما قولك: لو خرجت من المدينة حين أحيط بعثمان ، فو الله لقد أحيط بنا كما أحيط به] . وأما قولك: لا تبايع حتى تأتي بيعة الأمصار ، فإن الأمر أمر أهل المدينة وكرهنا أن يضيع هذا الأمر . أما قولك: حين خرج طلحة والزبير فإن ذلك كان وهنا على أهل الإسلام ، ولا والله ما زلت مقهورا مذ وليت ، منقوصا لا أصل إلى شيء مما ينبغي . وأما قولك: اجلس في بيتك ، فكيف لي بما قد لزمني ، وإذا لم أنظر فيما قد لزمني من هذا الأمر فمن ينظر فيه . فكف يا بني .

وحدثنا سيف ، عن سعيد بن عبد الله ، عن ابن أبي مليكة ، قال: قيل لعلي بالربذة ، يا أمير المؤمنين ، ما فكرتك في هذا الأمر ، إن البصرة لفي يديك ، وإن الكوفة لفي يديك ، فقال: ويحكم ابتليت بثلاثة ما رمي بمثلهم أحد قط ، ابتليت بفتى العرب وأجودهم طلحة ، وبفارس العرب وأحربهم الزبير ، وبأم المؤمنين أطوع الناس في الناس .

التالي السابق


الخدمات العلمية