الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة : أخذ معاوية على الوفد الذين وفدوا إليه مع عبيد الله بن زياد البيعة لابنه يزيد ، وعهد إلى ابنه يزيد حين مرض فيها ، فقال له : يا بني ، إني قد كفيتك الرحلة والترحال ، ووطأت لك الأشياء ، وذللت لك الأعداء ، وأخضعت لك أعناق العرب ، وإني لأتخوف عليك أن ينازعك في هذا الأمر الذي أسندت لك إلا أربعة نفر من قريش : الحسين بن علي ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر . فأما عبد الله بن عمر فرجل قد وقذته العبادة ، وإذا لم يبق أحد غيره بايعك . وأما الحسين فإن أهل العراق لن يدعوه حتى يخرجوه ، فإن خرج عليك فظفرت به فاصفح عنه ، فإن له رحما ماسة وحقا عظيما وأما ابن أبي بكر فليست له همة إلا في النساء واللهو ، فإن رأى أصحابه صنعوا شيئا صنع مثلهم ، وأما الذي يجثم جثوم الأسد ويراوغك مراوغة الثعلب فإذا أمكنته فرصة وثب فابن الزبير ، فإن هو فعلها بك فقدرت عليه فقطعه إربا إربا .

[ ص: 321 ] ولما اشتد مرض معاوية كان يزيد غائبا ، فدعا بالضحاك بن قيس الفهري - وكان صاحب شرطته - ومسلم بن عقبة المري فأوصى إليهما فقال : بلغا يزيد وصيتي : انظر أهل الحجاز فإنهم أهلك ، فأكرم من قدم عليك منهم ، وتعاهد من غاب ، وانظر أهل العراق ، فإن سألوك أن تعزل كل يوم عاملا فافعل ، فإن عزل عامل أحب إلي من أن تشهر عليك مائة ألف سيف ، وانظر أهل الشام ، فليكونوا بطانتك وعيبتك ، فإن رابك شيء من عدوك فانتصر بهم ، فإذا أصبتهم فاردد أهل الشام إلى بلادهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية