الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

284 - أسلم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويكنى أبا رافع: وكان مملوكا للعباس ، فوهبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلام العباس أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهاجر بعد بدر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشهد أحدا والمشاهد بعدها ، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمى مولاته .

وتوفي بعد قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه .

285 - حذيفة بن اليمان - واليمان لقب - واسمه حسل - ويقال: حسيل - بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة ، ويكنى أبا عبد الله ، ويقال إن جروة هو اليمان: خرج حذيفة هو وأبوه فأخذهما كفار قريش ، وقالوا: إنكما تريدان محمدا ، فقالا: ما نريد إلا المدينة ، فأخذوا منهما عهدا ألا يقاتلا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن ينصرفا إلى المدينة ، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه وقالا: إن شئت [قاتلنا معك] ، قال: بلى نفي [ ص: 105 ] [لهم] ونستعين الله عليهم ، ففاتهما بدر ، وشهد حذيفة أحدا وما بعدها .

وكان حذيفة صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم لقربه منه وثقته به ، وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسماء المنافقين الذين بخسوا بعيره ليلة [العقبة] بتبوك ، وكانوا اثني عشر كلهم من الأنصار ومن حلفائهم ، وكان حذيفة يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وأنا أسأله عن الشر مخافة أن يدركني .

وولاه عمر بن الخطاب المدائن ، فأقام بها إلى حين وفاته .

أخبرنا عبد الرحمن القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: أخبرنا علي بن [محمد] المعدل ، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، قال: حدثنا [أحمد] بن منصور الرمادي ، قال: حدثنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا بعث أميرا كتب إليهم: إني قد بعثت إليكم فلانا وأمرته بكذا وكذا ، فاسمعوا له وأطيعوا ، فلما بعث حذيفة كتب إليهم: إني قد بعثت إليكم فلانا فأطيعوه ، فقالوا: هذا رجل له شأن ، فركبوا ليلتقوه ، فلقوه على بغل تحته أكاف وهو معترض عليه رجلاه من جانب واحد ، فلم يعرفوه فأجازوه ، فلقيهم الناس ، فقالوا: أين الأمير؟ قالوا: هو الذي لقيكم . قال: فركضوا في أثره ، فأدركوه وفي يده رغيف وفي الأخرى عرق وهو يأكل ، فسلموا عليه ، فنظر إلى عظيم منهم فناوله العرق والرغيف . قال: فلما غفل ألقاه أو أعطاه لخادمه .

وروى هذا الحديث سلام بن مسكين ، عن ابن سيرين ، فقال فيه: لما قدم حذيفة المدائن استقبله الناس والدهاقين وبيده رغيف وعرق من لحم وهو على حمار على أكاف ، فقرأ عهده عليهم [فقالوا: سلنا ما شئت ، قال: أسألكم طعاما آكله ، وعليقا لحماري [ ص: 106 ] هذا ما دمت فيكم] فأقام ما شاء الله ، ثم كتب إليه عمر أن أقدم ، فلما بلغ قدومه عمر كمن له في الطريق في مكان لا يراه ، فلما رآه عمر على الحال التي خرج من عنده عليها ، أتاه فالتزمه وقال: أنت أخي وأنا أخوك .

أخبرنا عبد الوهاب الأنماطي ، [أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا علي بن أحمد الملطي ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف ، أخبرنا ابن صفوان حدثنا أبو] بكر القرشي ، قال: حدثني محمد بن الحسين ، قال: حدثنا أسود بن عامر ، عن شريك ، عن الأعمش ، قال: بكى حذيفة في صلاته ، فلما فرغ التفت فإذا رجل خلفه ، فقال: لا تعلمن هذا أحدا .

أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، [أخبرنا أحمد بن أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، أخبرنا عبد الرحمن بن العباس ، أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، أخبرنا محمد بن يزيد الآدمي ، حدثنا يحيى بن سليم ، عن إسماعيل بن كثير] ، عن زياد مولى ابن عباس ، قال: حدثني من دخل على حذيفة في مرضه الذي مات فيه ، فقال: لولا أني أرى هذا اليوم آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة لم أتكلم به ، اللهم إنك تعلم أني كنت أحب الفقر على الغنى ، وأحب الذلة على العز ، وأحب الموت على الحياة ، حبيب جاء على فاقة ، لا أفلح من ندم ، ثم مات رحمه الله .

أخبرنا القزاز ، قال أخبرنا أبو بكر الخطيب ، [أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي ، أخبرنا يحيى بن أبي طالب ، أخبرنا علي بن أبي عاصم ، حدثنا حصين بن عبد الرحمن ، عن أبي وائل] ، عن خالد بن ربيع العبسي ، قال: سمعنا بوجع حذيفة فركب إليه أبو مسعود الأنصاري في نفر أنا فيهم إلى المدائن ، [ ص: 107 ] فأتيناه في بعض الليل ، فقال: هل جئتم بأكفاني؟ قلنا: نعم ، قال: فلا تغالوا بكفني ، أفإن يكن لصاحبكم عند الله خير يبدل خيرا من كسوتكم وإلا يسلب سلبا سريعا ، ثم ذكر عثمان ، فقال: اللهم لم أشهد ، ولم أقتل ، ولم أرض .

أخبرنا القزاز ، قال: أخبرنا الخطيب ، قال: أخبرنا ابن الفضل ، قال: حدثنا ابن درستويه ، قال: حدثنا يعقوب ، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا سعيد بن أوس ، عن بلال بن يحيى ، قال: عاش حذيفة بعد قتل عثمان أربعين ليلة .

أخبرنا القزاز ، أخبرنا الخطيب [قال: أخبرنا ابن بشران ، قال: أخبرنا الحسين بن صفوان ] ، قال: حدثنا القرشي ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: مات حذيفة سنة ست وثلاثين . اجتمع على ذلك الواقدي ، والهيثم بن عدي .

التالي السابق


الخدمات العلمية