تغليب الأكثر على الأقل
بأن ينسب إلى الجميع وصف يختص بالأكثر ، كقوله تعالى : لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا ( الأعراف : 88 ) أدخل شعيب عليه السلام في قوله : ( لتعودن ) بحكم التغليب ، إذ لم يكن في ملتهم أصلا حتى يعود إليها ، ومثله قوله : إن عدنا في ملتكم ( الأعراف : 89 ) واعترض بأن ( عاد ) بمعنى صار لغة معروفة ، وأنشدوا :
فإن تكن الأيام أحسن مرة إلي فقد عادت لهن ذنوب
ولا حجة فيه ؛ لجواز أن يكون ضمير " الأيام " فاعل " عادت " ، وإنما الشاهد في قول أمية :تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
وقوله : وما يكون لنا أن نعود فيها ( الأعراف : 89 ) كناية عن أتباعه لمجرد فائدتهم ، وأنه - صلى الله عليه وسلم - إن قال ذلك عن نفسه وأتباعه فقد استثنى ، والمعلق بالمشيئة لا يلزم إمكانه شرعا تقديرا ، والاعتراف بالقدرة والرجوع لعلمه سبحانه وإن علم العبد عصمة نفسه أدبا مع ربه لا شكا .
ويجوز أن يراد بالعود في ملتهم مجرد المساكنة والاختلاط ، بدليل قوله : إذ نجانا الله منها ( الأعراف : 89 ) ونظيره : ومطهرك من الذين كفروا ( آل عمران : 55 ) ويكون ذلك إشارة إلى الهجرة عنهم ، وترك الإجابة لهم ، لا جوابا لهم ، وفيه بعد .