الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
حذف الضمير المنصوب المتصل يقع في أربعة أبواب : أحدها : الصلة ; كقوله تعالى : أهذا الذي بعث الله رسولا .

الثاني : الصفة ; كقوله تعالى : واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ( البقرة : 48 ) ، أي : فيه ، بدليل قوله : واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ( البقرة : 281 ) ، ولذلك يقدر في الجمل المعطوف على الأولى ; لأن حكمهن حكمها ، فالتقدير : ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون ( البقرة : 48 ) فيه .

ثم اختلفوا ، فقال الأخفش : حذفت على التدريج ; أي : حذف العطف ، فاتصل الضمير فحذف ، وقال سيبويه : حذفا معا لأول وهلة .

وقيل : عدي الفعل إلى الضمير أولا اتساعا ، وهو قول الفارسي .

وجعل الواحدي من هذا قوله تعالى : يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا أي : منه ، وقوله : ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ( غافر : 18 ) ، أي : ما للظالمين منه .

[ ص: 232 ] وفيه نظر ; أما الأولى : فلأن يغني جملة قد أضيف إليها اسم الزمان ، وليست صفة .

وقد نصوا على أن عود ضمير إلى المضاف من الجملة التي أضيف إليها الظرف غير جائز ; حتى قال ابن السراج : فإن قلت : أعجبني يوم قمت فيه امتنعت الإضافة ; لأن الجملة حينئذ صفة ، ولا يضاف موصوف إلى صفته ، قال ابن مالك : وهذا مما خفي على أكثر النحويين .

وأما الثانية : فكأنه يريد أن ما للظالمين من حميم ( غافر : 18 ) صفة ليوم المضاف إليها الأزمنة ، وذلك متعذر ; لأن الجملة لا تقع صفة للمعرفة ، والظاهر أن الجملة حال منه ، ثم حذف العائد المجرور بـ " في " كما يحذف من الصفة .

تنبيه قال ابن الشجري : أقوى هذه الأمور في الحذف الصلة ، لطول الكلام فيها ; لأنه أربع كلمات ; نحو : جاء الذي ضربت ; وهو : الموصول ، والفعل ، والفاعل ، والمفعول ، ثم الصفة ; لأن الموصوف قائم بنفسه ، وإنما أتى بالصفة للتوضيح ، ثم الخبر ; لانفصاله عن المبتدأ باعتبار أنه محكوم عليه .

ووجه التفاوت أن الصفة رتبة متوسطة بين الصلة والخبر ; لأن الموصول وصلته كالكلمة الواحدة ، ولهذا لا يفصل بينهما ; والصفة دونها في ذلك ; ولهذا يكثر حذف [ ص: 233 ] الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، والخبر دون ذلك ، فكان الحذف آكد في الصلة من الصفة ; لأن هناك شيئين يدلان على الحذف : الصفة تستدعي موصوفا ، والعامل يستدعيه أيضا .

ويستحسن ابن مالك هذا الكلام ، ولم يتكلم على الحال لرجوعه إلى الصفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية