آ . (59) قوله : بلى : حرف جواب وفيما وقعت جوابا له وجهان ، أحدهما : هو نفي مقدر . قال : " وحق بلى أن تجيء بعد نفي عليه تقرير ، كأن النفس قالت : لم يتسع لي النظر ولم يتبين لي الأمر " . قال الشيخ : " ليس حقها النفي المقرر ، بل حقها النفي ، ثم حمل التقرير عليه ، ولذلك أجاب بعض العرب النفي المقرر بـ نعم دون بلى ، وكذا وقع في [ ص: 437 ] عبارة ابن عطية نفسه " . والثاني : أن التمني المذكور وجوابه متضمنان لنفي الهداية ، كأنه قال : لم أهتد ، فرد الله عليه ذلك . قال سيبويه : " فإن قلت : هلا قرن الجواب بما هو جواب له ، وهو قوله : الزمخشري لو أن الله هداني ولم يفصل بينهما . قلت : لأنه لا يخلو : إما أن يقدم على إحدى القرائن الثلاث فيفرق بينهن ، وإما أن تؤخر القرينة الوسطى . فلم يحسن الأول لما فيه من تبتير النظم بالجمع بين القرائن ، وأما الثاني فلما فيه من نقض الترتيب وهو التحسر على التفريط في الطاعة ثم التعلل بفقد الهداية ثم تمني الرجعة ، فكان الصواب ما جاء عليه : وهو أنه حكى أقوال النفس على ترتيبها ونظمها ، ثم أجاب من بينها عما اقتضى الجواب " .
وقرأ العامة " جاءتك " بفتح الكاف فكذبت واستكبرت ، وكنت ، بفتح التاء خطابا للكافر دون النفس . وقرأ الجحدري وأبو حيوة وابن يعمر عن والشافعي ، وروتها ابن كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبها قرأ أم سلمة وابنته أبو بكر رضي الله عنهما ، بكسر الكاف والتاء خطابا للنفس . عائشة والحسن والأعرج " جأتك " بوزن " جفتك " بهمزة دون ألف . فتحتمل أن تكون قصرا كقراءة والأعمش قنبل أن رآه استغنى وأن يكون في الكلمة قلب : بأن قدمت اللام على العين ، فالتقى ساكنان فحذفت الألف لالتقائهما ، نحو : رمت وغزت .
[ ص: 438 ]