الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (30) قوله : يا حسرة : العامة على نصبها . وفيه وجهان ، أحدهما : أنها منصوبة على المصدر ، والمنادى محذوف تقديره : يا هؤلاء تحسروا حسرة . والثاني : أنها منونة لأنها منادى منكور فنصبت على أصلها كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      3782 - أيا راكبا إما عرضت فبلغن نداماي من نجران أن لا تلاقيا



                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى النداء هنا على المجاز ، كأنه قيل : هذا أوانك فاحضري . وقرأ قتادة وأبي في أحد وجهيه " يا حسرة " بالضم ، جعلها مقبلا عليها ، وأبي أيضا وابن عباس وعلي بن الحسين " يا حسرة العباد " بالإضافة . فيجوز أن تكون الحسرة مصدرا مضافا لفاعله أي : يتحسرون على غيرهم لما يرون من عذابهم ، وأن يكون مضافا لمفعوله أي : يتحسر عليهم غيرهم . وقرأ أبو الزناد وابن هرمز وابن جندب " يا حسره " بالهاء المبدلة من تاء التأنيث وصلا ، وكأنهم أجروا الوصل مجرى الوقف وله نظائر مرت . وقال صاحب [ ص: 260 ] " اللوامح " : " وقفوا بالهاء مبالغة في التحسر ، لما في الهاء من التأهه بمعنى التأوه ، ثم وصلوا على تلك الحال " . وقرأ ابن عباس أيضا " يا حسرة " بفتح التاء من غير تنوين . ووجهها أن الأصل : يا حسرتا فاجتزئ بالفتحة عن الألف كما اجتزئ بالكسرة عن الياء . ومنه :


                                                                                                                                                                                                                                      3783 - ولست براجع ما فات مني     بلهف ولا بليت ولا لو اني



                                                                                                                                                                                                                                      أي : بلهفا بمعنى لهفي .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ " يا حسرتا " بالألف كالتي في الزمر ، وهي شاهدة لقراءة ابن عباس ، وتكون التاء لله تعالى ، وذلك على سبيل المجاز دلالة على فرط هذه الحسرة . وإلا فالله تعالى لا يوصف بذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " ما يأتيهم " هذه الجملة لا محل لها ; لأنها مفسرة لسبب الحسرة عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " إلا كانوا " جملة حالية من مفعول " يأتيهم " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية