الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (18) قوله : يوم الآزفة : يجوز أن يكون مفعولا به اتساعا ، وأن يكون ظرفا ، والمفعول محذوف . والآزفة : القريبة ، من أزف الشيء ، أي : قرب . قال النابغة :


                                                                                                                                                                                                                                      3919 - أزف الترحل غير أن ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قد



                                                                                                                                                                                                                                      وقال كعب بن زهير :


                                                                                                                                                                                                                                      3920 - بان الشباب وهذا الشيب قد أزفا     ولا أرى لشباب بائن خلفا



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الراغب : " أزف وأفد يتقاربان ، لكن " أزف " يقال اعتبارا بضيق [ ص: 467 ] وقتها . ويقال : أزف الشخوص . والأزف : ضيق الوقت " ، قلت : فجعل بينهما فرقا ، ويروى بيت النابغة : أفد الترحل . والآزفة : صفة لمحذوف ، فيجوز أن يكون التقدير : الساعة الآزفة أو الطامة الآزفة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " إذ القلوب " بدل من يوم الآزفة ، أو من " هم " في " أنذرهم " بدل اشتمال .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " كاظمين " نصب على الحال . واختلفوا في صاحبها والعامل فيها . وقال الحوفي : " القلوب " مبتدأ . و " لدى الحناجر " خبره ، و " كاظمين " حال من الضمير المستكن فيه " . قلت : ولا بد من جواب عن جمع القلوب جمع من يعقل : وهو أن يكون لما أسند إليهم ما يسند للعقلاء جمعت جمعه ، كقوله : رأيتهم لي ساجدين ، فظلت أعناقهم لها خاضعين . الثاني : أنها حال من " القلوب " . وفيه السؤال والجواب المتقدمان . الثالث : أنه حال من أصحاب القلوب . قال الزمخشري : " هو حال من أصحاب القلوب على المعنى ; إذ المعنى : إذ قلوبهم لدى الحناجر كاظمين عليها " . قلت : فكأنه في قوة أن جعل أل عوضا من الضمير في حناجرهم : الرابع : أن يكون حالا من " هم " في " أنذرهم " ، وتكون حالا مقدرة ; لأنهم وقت الإنذار غير كاظمين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عطية : " كاظمين حال مما أبدل منه " إذ القلوب " أو مما تضاف القلوب إليه ; إذ المراد : إذ قلوب الناس لدى حناجرهم ، وهذا كقوله : تشخص فيه الأبصار مهطعين أراد : تشخص فيه أبصارهم " . قلت : ظاهر قوله أنه حال مما أبدل منه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 468 ] قوله : " إذ القلوب " مشكل ; لأنه أبدل من قوله : " يوم الآزفة " وهذا لا يصح البتة ، وإنما يريد بذلك على الوجه الثاني : وهو أن يكون بدلا من " هم " في " أنذرهم " بدل اشتمال ، وحينئذ يصح . وقد تقدم الكلام على الكظم ، والحناجر ، في آل عمران والأحزاب .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ولا شفيع يطاع " يطاع " يجوز أن يحكم على موضعه بالجر نعتا على اللفظ ، وبالرفع نعتا على المحل ; لأنه معطوف على المجرور بمن المزيدة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولا شفيع يطاع من باب :


                                                                                                                                                                                                                                      3921 - على لاحب لا يهتدى بمناره      ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      أي : لا شفيع فلا طاعة ، أو ثم شفيع ولكن لا يطاع .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية