الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (8) قوله : منيبا : حال من فاعل " دعا " و " إليه " متعلق بـ " منيبا " أي راجعا إليه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 413 ] قوله : " خوله " يقال : خوله نعمة أي : أعطاها إياه ابتداء من غير مقتض . ولا يستعمل في الجزاء بل في ابتداء العطية . قال زهير :


                                                                                                                                                                                                                                      3888 - هنالك إن يستخولوا المال يخولوا ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      ويروى " يستخبلوا المال يخبلوا " . وقال أبو النجم :


                                                                                                                                                                                                                                      3889 - أعطى فلم يبخل ولم يبخل     كوم الذرى من خول المخول



                                                                                                                                                                                                                                      وحقيقة " خول " من أحد معنيين : إما من قولهم : " هو خائل مال " إذا كان متعهدا له حسن القيام عليه ، وإما من خال يخول إذا اختال وافتخر ، ومنه قوله : " إن الغني طويل الذيل مياس " ، وقد تقدم اشتقاق هذه المادة مستوفى في الأنعام .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " منه " يجوز أن يكون متعلقا بـ " خول " ، وأن يكون متعلقا بمحذوف على أنه صفة لـ " نعمة " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ما كان يدعو يجوز في " ما " هذه أربعة أوجه ، أحدها : أن تكون موصولة بمعنى الذي ، مرادا بها الضر أي : نسي الضر الذي يدعو إلى كشفه . الثاني : أنها بمعنى الذي مرادا بها الباري تعالى أي : نسي الله الذي كان يتضرع إليه . وهذا عند من يجيز " ما " على أولي العلم . الثالث : أن تكون " ما " [ ص: 414 ] مصدرية أي : نسي كونه داعيا . الرابع : أن تكون " ما " نافية ، وعلى هذا فالكلام تام على قوله : " نسي " ثم استأنف إخبارا بجملة منفية ، والتقدير : نسي ما كان فيه . لم يكن دعاء هذا الكافر خالصا لله تعالى . و " من قبل " أي : من قبل الضرر ، على القول الأخير ، وأما على الأقوال قبله فالتقدير : من قبل تخويل النعمة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " ليضل " قرأ ابن كثير وأبو عمرو " ليضل " بفتح الياء أي : ليفعل الضلال بنفسه . والباقون بضمها أي : لم يقنع بضلاله في نفسه حتى يحمل غيره عليه ، فمفعوله محذوف وله نظائر تقدمت . واللام يجوز أن تكون للعلة ، وأن تكون للعاقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية