الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (19) قوله : أفمن حق : في " من " هذه وجهان ، أظهرهما : أنها موصولة في محل رفع بالابتداء . وخبره محذوف ، فقدره أبو البقاء " كمن نجا " . وقدره الزمخشري : " فأنت تخلصه " قال : " حذف لدلالة " أفأنت تنقذ " عليه . وقدره غيره " تتأسف عليه " . وقدره آخرون " يتخلص منه " أي : من العذاب وقدر الزمخشري على عادته جملة بين الهمزة والفاء . تقديره : أأنت مالك أمرهم ، فمن حق عليه كلمة العذاب . وأما غيره فيدعي أن الأصل تقديم الفاء وإنما أخرت لما تستحقه الهمزة من التصدير . وقد [ ص: 420 ] تقدم تحقيق هذين القولين غير مرة . والثاني : أن تكون " من " شرطية ، وجوابها : أفأنت . فالفاء فاء الجواب دخلت على جملة الجزاء ، وأعيدت الهمزة لتوكيد معنى الإنكار ، وأوقع الظاهر وهو من في النار موقع المضمر ، إذ كان الأصل : أفأنت تنقذه . وإنما وقع موقعه شهادة عليه بذلك . وإلى هذا نحا الحوفي والزمخشري . قال الحوفي : " وجيء بألف الاستفهام لما طال الكلام توكيدا ، ولولا طوله لم يجز الإتيان بها ; لأنه لا يصلح في العربية أن يأتي بألف الاستفهام في الاسم وألف أخرى في الجزاء . ومعنى الكلام : أفأنت تنقذه . وعلى القول بكونها شرطية يترتب على قول الزمخشري وقول الجمهور مسألة : وهو أنه على قول الجمهور يكون قد اجتمع شرط واستفهام . وفيه حينئذ خلاف بين سيبويه ويونس : هل الجملة الأخيرة جواب الاستفهام وهو قول يونس ، أو جواب للشرط ، وهو قول سيبويه ؟ وأما على قول الزمخشري فلم يجتمع شرط واستفهام ; إذ أداة الاستفهام عنده داخلة على جملة محذوفة عطفت عليها جملة الشرط ، ولم يدخل على جملة الشرط . وقوله : " أفأنت تنقذ " استفهام توقيف وقدم فيها الضمير إشعارا بأنك لست قادرا على إنقاذه إنما القادر عليه الله وحده .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية