آ . (23) قوله : يبشر الله عباده : كقوله : كالذي خاضوا وقد تقدم تحقيقه ، وتقدمت القراءات في " يبشر " . وقرأ مجاهد وحميد بن قيس " يبشر " بضم الياء وسكون الباء وكسر الشين من أبشر منقولا من بشر بالكسر ، لا من بشر بالفتح ، لأنه متعد . والتشديد في " بشر " للتكثير لا للتعدية ; لأنه متعد بدونها . ونقل الشيخ قراءة " يبشر " بفتح الياء وضم الشين عن حمزة من السبعة ، ولم يذكر غيرهما من السبعة ، وقد وافقهما على ذلك والكسائي ابن كثير . و " ذلك " مبتدأ والموصول بعده خبره ، [ ص: 550 ] وعائده محذوف على التدريج المذكور في قوله : وأبو عمرو كالذي خاضوا أي : يبشر به ، ثم يبشره على الاتساع . وأما على رأي فلا تحتاج إلى عائد لأنها عنده مصدرية ، وهو قول يونس أيضا . أي : ذلك تبشير الله عباده . و " ذلك " إشارة إلى ما أعده الله لهم من الكرامة . الفراء
وقال : " أو ذلك التبشير الذي يبشره الله عباده " . قال الشيخ : " وليس بظاهر ; إذ لم يتقدم في هذه السورة لفظ البشرى ، ولا ما يدل عليها من بشر أو شبهه " . الزمخشري
قوله " إلا المودة " فيها قولان ، أحدهما : أنها استثناء منقطع ; إذ ليست من جنس الأجر . والثاني : أنه متصل أي : لا أسألكم عليه أجرا إلا هذا . وهو أن تودوا أهل قرابتي ولم يكن هذا أجرا في الحقيقة ; لأن قرابته قرابتهم فكانت صلتهم لازمة لهم في المروءة ، قاله . وقال أيضا : " فإن قلت : هلا قيل : إلا مودة القربى ، أو إلا المودة للقربى . قلت : جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها كقولك : لي في آل فلان مودة ، وليست " في " صلة للمودة كاللام إذا قلت : إلا المودة للقربى ، إنما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك : " المال في الكيس " ، وتقديره : إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة [ ص: 551 ] فيها " . قلت : وأحسن ما سمعت في معنى هذه الآية حكاية الزمخشري قال : أكثر الناس علينا في هذه الآية فكتبنا إلى الشعبي نسأله عنها . فكتب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوسط الناس في ابن عباس قريش ، ليس بطن من بطونهم إلا قد ولده ، فقال الله تعالى : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوني في قرابتي منكم فارعوا ما بيني وبينكم فصدقوني .
وقال : " وقيل : متصل أي : لا أسألكم شيئا إلا المودة " . قلت : وفي تأويله متصلا بما ذكر ، نظر لمجيئه بـ " شيء " الذي هو عام ، وما من استثناء منقطع إلا ويمكن تأويله بما ذكر ، ألا ترى إلى قولك : " ما جاءني أحد إلا حمار " أنه يصح : ما جاءني شيء إلا حمارا . أبو البقاء
وقرأ " مودة " دون ألف ولام . زيد بن علي
قوله : نزد له فيها حسنا العامة على " نزد " بالنون للعظمة . وزيد بن علي وعبد الوارث عن " يزد " بالياء من تحت أي : يزد الله . والعامة على " حسنا " بالتنوين مصدرا على فعل نحو : شكر . وهو مفعول به . أبي عمرو وعبد الوارث عن " حسنى " بألف التأنيث على وزن بشرى ورجعى وهو مفعول به أيضا . ويجوز أن يكون صفة كـ فضلى ، فيكون وصفا لمحذوف أي خصلة حسنى .
أبي عمرو