قوله ( والسادس : العدالة ، وهي استواء أحواله في دينه ، واعتدال أقواله وأفعاله ) ، تقدم في " باب طرق الحكم وصفته " أن الصحيح من المذهب : ، فيعتبر استواء أحواله في دينه ، واعتدال أقواله وأفعاله ، وهذا المذهب ، بلا ريب ، وقيل : العدل من لم تظهر منه ريبة ، وهو رواية عن اعتبار العدالة في البينة ظاهرا وباطنا رحمه الله ، واختيار الإمام أحمد عند الخرقي وجماعة ، وتقدم ذلك ، وذكر القاضي أبو محمد الجوزي ، في العدالة : اجتناب الريبة وانتفاء التهمة ، زاد في الرعاية : وفعل ما يستحب ، وترك ما يكره .
فائدة :
العاقل من عرف الواجب عقلا ، الضروري وغيره ، والممتنع والممكن ، وما يضره وما ينفعه غالبا ، والعقل : نوع علم ضروري إنساني . ومحل ذلك الأصول ، والإسلام : الشهادتان نطقا أو حكما ، تبعا أو بدار ، مع التزام أحكام الدين ، قاله الأصحاب .
تنبيه :
ظاهر قوله ( الصلاح في الدين ، وهو أداء الفرائض ) ، أن أداء الفرائض وحدها يكفي ولو لم يصل سننها ، وهو الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع ، [ ص: 44 ] وهو ظاهر كلامه في المذهب ، وذكر ويعتبر لها شيئان ، وصاحب التبصرة ، والترغيب ، والمحرر ، والنظم ، والوجيز ، وغيرهم ، أداء الفرائض بسننها الراتبة ، وقال في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة : بسننها ، ولم يذكر " الراتبة " وقد أومأ القاضي رحمه الله إلى ما ذكره الإمام أحمد ، والجماعة ، كقوله القاضي : رجل سوء ، ونقل فيمن يواظب على ترك سنن الصلاة أبو طالب : لو ، فمن ترك سنة من سننه : فهو رجل سوء ، وقال ترك سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم : يأثم ، قال في الفروع : ومراده لأنه لا يسلم من ترك فرض ، وإلا فلا يأثم بترك سنة ، وإنما قال هذا القاضي رحمه الله فيمن تركها طول عمره ، أو أكثره ، فإنه يفسق بذلك وكذلك جميع السنن الراتبة إذا داوم على تركها ; لأنه بالمداومة يكون راغبا عن السنة ، وتلحقه التهمة بأنه غير معتقد لكونها سنة ، وكلام الإمام أحمد رحمه الله خرج على هذا ، وكذا قال في الفصول : الإدمان على ترك هذه السنن غير جائر ، واحتج بقول الإمام أحمد رحمه الله في الوتر ، وقال بعد قول الإمام أحمد رحمه الله تعالى في الوتر : وهذا يقتضي أنه يحكم بفسقه ، الإمام أحمد قلت : فيعايى بها على قول القاضي ، ونقل جماعة من ترك الوتر فليس بعدل وقاله وابن عقيل الشيخ تقي الدين رحمه الله في الجماعة ، على أنها سنة ; لأنه يسمى ناقص الإيمان [ ص: 45 ]
وقال في الرعاية : وترد . قوله ( واجتناب المحارم ، وهو أن لا يرتكب كبيرة ، ولا يدمن على صغيرة ) وهو المذهب ، جزم به في المحرر ، والوجيز ، وتذكرة شهادة من أكثر من ترك السنن الراتبة ابن عبدوس ، وغيرهم ، وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والنظم ، وقيل : أن لا يظهر منه إلا الخير ، وقيل : أن لا يتكرر منه صغيرة ، وقيل : ثلاثا ، وقطع به في آداب المفتي والمستفتي ، وأطلقهن في الفروع ، وقال في الترغيب : بأن لا يكثر من الصغائر ، ولا يصر على واحدة منها ، : ترد الشهادة بكذبة واحدة ، وهو ظاهر كلامه في المغني ، واختاره وعنه الشيخ تقي الدين رحمه الله ، قال : اختاره بعضهم . وقاس عليه بقية الصغائر ، وهو بعيد ; لأن الكذب معصية فيما تحصل به الشهادة ، وهو الخبر ، قاله في الفروع ، وأطلقهما في المحرر ، وأخذ ابن عقيل ، القاضي من هذه الرواية : أن الكذب كبيرة ، وجعل وأبو الخطاب ابن حمدان في الرعاية : الروايتين في الكذب : وأورد ذلك مذهبا ، قال الزركشي : وفيه نظر ، وقال أيضا : ولعل الخلاف في الكذبة للتردد فيها : هل هي كبيرة أو صغيرة ؟ وأطلق في المحرر الروايتين في رد الشهادة بالكذبة الواحدة ، [ ص: 46 ] وظاهر الكافي : أن العدل من رجح خيره ولم يأت كبيرة ; لأن الصغائر تقع مكفرة أولا فأولا ، فلا تجتمع ، قال : لولا الإجماع لقلنا به ، وظاهر كلام ابن عقيل في العمدة : أنه عدل ولو أتى كبيرة ، قال القاضي الشيخ تقي الدين رحمه الله : صرح به في قياس الشبهة ، فيمن أكل الربا إن أكثر لم نصل خلفه ، قال وعنه ، القاضي : فاعتبر الكثرة ، وقال في المغني : إن وابن عقيل ، أخذ صدقة محرمة وتكرر : ردت شهادته فيمن ورث ما أخذه موروثه من الطريق هذا أهون ، ليس هو أخرجه ، وأعجب إلى أن يرده ، وعنه أيضا : لا يكون عدلا حتى يرد ما أخذ ، وقال وعنه الشيخ تقي الدين رحمه الله : من " ، أو شهد على إقرار كذب مع علمه بالحال : قدح في عدالته ، قال : ولا يستريب أحد فيمن صلى محدثا ، أو لغير القبلة ، أو بعد الوقت ، أو بلا قراءة : أنه كبيرة . تكرر نظره إلى الأجنبيات والقعود له بلا حاجة شرعية
فائدة :
" الكبيرة " ما فيه حد أو وعيد نص عليه ، وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله : هي ما فيه حد أو وعيد ، أو غضب أو لعنة أو نفي الإيمان ، وقال في الفصول ، والغنية والمستوعب : الغيبة والنميمة من الصغائر ، وقال في معتمده : معنى " الكبيرة " أن عقابها أعظم " والصغيرة " أقل ، ولا يعلمان إلا بتوقيف . وقال القاضي ابن حامد : إن تكررت الصغائر من نوع أو أنواع ، فظاهر المذهب : تجتمع وتكون كبيرة ، [ ص: 47 ] ومن أصحابنا من قال : لا تجتمع ، وهو شبيه مقالة المعتزلة