الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وأما من فعل شيئا من الفروع المختلف فيها : فتزوج بغير ولي ، أو شرب من النبيذ ما لا يسكر ، أو أخر الحج الواجب ، مع إمكانه ، ونحوه ، متأولا : فلا ترد شهادته ) ، وهذا المذهب ، نص عليه في رواية صالح ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقال في الإرشاد : تقبل شهادته إلا أن يجيز ربا الفضل ، أو يرى الماء من الماء ، لتحريمهما الآن ، وذكرهما الشيخ تقي الدين رحمه الله مما خالف النص من جنس ما ينقض فيه حكم الحاكم ، وذكر في التبصرة فيمن تزوج بلا ولي ، أو أكل متروك التسمية ، أو تزوج بنته من الزنا ، أو أم من زنى بها احتمالا : ترد وعنه : يفسق متأول لم يسكر من نبيذ ، اختاره في الإرشاد والمبهج ، قال الزركشي وأبو بكر : كحده ; لأنه يدعو إلى المجمع عليه ، وللسنة المستفيضة ، وعلله ابن الزاغوني بأنه إلى الحاكم ، لا إلى فاعله كبقية الأحكام ، وفيه في الواضح روايتان . كذمي شرب خمرا ، وهو ظاهر الموجز ، واختلف فيه كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله ، نقل مهنا : من أراد شربه يتبع فيه من شربه : فليشربه ، وعنه : أجيز شهادته ، ولا أصلي خلفه وحده ، [ ص: 50 ] وعنه : ومن أخر الحج قادرا كمن لم يؤد الزكاة ، نقله صالح والمروذي ، قال في الفروع وقياس الأدلة من لعب بشطرنج ، وتسمع غناء بلا آلة ، قاله في الوسيلة ، لا باعتقاد إباحته .

فائدة :

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : اختلف الناس في دخول الفقهاء في أهل الأهواء ، فأدخلهم القاضي وغيره ، وأخرجهم ابن عقيل وغيره . قوله ( وإن فعله معتقدا تحريمه : ردت ، شهادته ) ، هذا المذهب ، نص عليه ، وعليه جماهير الأصحاب ، جزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والزركشي ، والحاوي ، والفروع ، والمغني ، والشرح ونصراه وغيرهم ، ويحتمل أن لا ترد ، وهو قول أبي الخطاب .

فائدة :

من تتبع الرخص فأخذ بها : فسق ، نص عليه ، وذكره ابن عبد البر رحمه الله إجماعا ، وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : كرهه أهل العلم ، وذكر القاضي : غير متأول أو مقلد ، قال في الفروع : ويتوجه تخريج من ترك شرطا ، أو ركنا مختلفا فيه : لا يعيد في رواية ، ويتوجه تقييده بما لم ينقض فيه حكم حاكم ، وقيل : لا يفسق إلا العالم ، ومع ضعف الدليل : فروايتان .

تنبيه : تقدم في أواخر " كتاب القضاء : هل يلزم التمذهب بمذهب أو لا ؟ " فليعاود .

التالي السابق


الخدمات العلمية