الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وتجوز شهادة المستخفي ، ومن سمع رجلا يقر بحق ، أو سمع الحاكم يحكم أو يشهد على حكمه وإنفاذه ، في إحدى الروايتين ) ، وكذا لو سمع رجلا يعتق ، أو يطلق ، أو يقر بعقد ونحوه ، يعني : أن شهادته عليه جائزة ، ويلزمه أن يشهد بما سمع ، وهذا المذهب في ذلك كله ، وقطع به الخرقي وغيره ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم ، قال المصنف ، والشارح عن شهادة المستخفي تجوز على الرواية الصحيحة وقالا عن الإقرار : المذهب أنه يجوز أن يشهد عليه ، وإن لم يقل : " اشهد علي " . انتهيا . [ ص: 23 ] ولا يجوز في الأخرى حتى يشهده على ذلك ، اختاره أبو بكر ، وتبعه ابن أبي موسى في عدم صحة شهادة المستخفي ، وعنه : لا يجوز أن يشهد عليه بالإقرار والحكم حتى يشهده على ذلك ، وعنه : إن أقر بحق في الحال : شهد به ، وإن أقر بسابقة الحق : لم يشهد به ، نقلها أبو طالب ، واختارها المجد ، وعنه : لا يلزمه أن يشهد في ذلك كله ، بل يخير ، نقلها أحمد بن سعيد ، وتورع ابن أبي موسى ، فقال في القرض ونحوه لا يشهد به ، وفي الإقرار يحق في الحال يقول " حضرت إقرار فلان بكذا " ولا يقول " أشهد على إقراره " وقال أبو الوفاء : ولا يجوز أن يشهد على المشهود عليه ، إلا أن يقرأ عليه الكتاب ، أو يقول المشهود عليه " قرئ علي " أو " فهمت جميع ما فيه " فإذا أقر بذلك شهد عليه ، وهذا معنى كلام أبي الخطاب ، وحينئذ : لا يقبل قوله " ما علمت ما فيه " في الظاهر ، قاله في الفروع فعلى المذهب : إذا قال المتحاسبان " لا تشهدوا علينا بما يجري بيننا " لم يمنع ذلك الشهادة ، ولزوم إقامتها على الصحيح من المذهب ، قدمه في المحرر ، والفروع ، والحاوي ، وغيرهم ، وقطع به المصنف ، والشارح ، وصاحب الوجيز ، وغيرهم ، وعنه : يمنع ، وأطلقهما الزركشي .

فائدة :

قال في الفروع : وظاهر كلامهم : أن الحاكم إذا شهد عليه : شهد ، سواء كان وقت الحكم أو لا ، وتقدم في كتاب القاضي ، وقيل لابن الزاغوني : إذا قال القاضي للشاهدين " أعلمكما أني حكمت بكذا " [ ص: 24 ] هل يصح أن يقول " أشهدنا على نفسه أنه حكم بكذا " ؟ فقال : الشهادة على الحاكم تكون في وقت حكمه ، فأما بعد ذلك : فإنه مخبر لهما بحكمه ، فيقول الشاهد " أخبرني أو أعلمني أنه حكم بكذا في وقت كذا كذا " ، قال أبو الخطاب ، وأبو الوفاء : لا يجوز لهما أن يقولا " أشهد " وإنما يخبران بقوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية