الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن باع شيئا ، ثم أقر : أن المبيع لغيره : لم يقبل قوله على المشتري ولم ينفسخ البيع ، ولزمته غرامته للمقر له ) ; لأنه فوته عليه بالبيع وكذلك إن وهبه ، أو أعتقه ، ثم أقر به جزم به في المغني ، والشرح ، والهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة وغيرهم قوله ( وإن قال " لم يكن ملكي ، ثم ملكته بعد " لم يقبل قوله ) ; لأن الأصل : أن الإنسان إنما يتصرف في ماله ، إلا أن يقيم بينة ، فيقبل ذلك ( فإن كان قد أقر : أنه ملكه ، أو قال " قبضت ثمن ملكي " أو نحوه : لم تسمع بينته أيضا ) [ ص: 197 ] لأنها تشهد بخلاف ما أقر به قاله الشارح ، وغيره فائدة لو أقر بحق لآدمي ، أو بزكاة ، أو كفارة : لم يقبل رجوعه على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقيل : إن أقر بما لم يلزمه حكمه : صح رجوعه وعنه : في الحدود دون المال قوله ( وإن قال " غصبت هذا العبد من زيد ، لا بل من عمرو " أو " ملكه لعمرو وغصبته من زيد ، لا بل من عمرو " لزمه دفعه إلى زيد ويغرم قيمته لعمرو ) على الصحيح من المذهب قال في الفروع : دفعه لزيد وإلا صح وغرم قيمته لعمرو وجزم به في المغني ، والشرح ، والمحرر ، والنظم ، والحاوي ، والرعاية الصغرى والوجيز ، ومنتخب " الأدمي ، والهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والبلغة ، وغيرهم وقيل : لا يغرم قيمته لعمرو وقيل : لا إقرار مع استدراك متصل واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو الصواب فائدة مثل ذلك في الحكم خلافا ومذهبا لو قال " غصبته من زيد وغصبه هو من عمرو " أو " هذا لزيد لا بل لعمرو " [ ص: 198 ] ونص الإمام أحمد رحمه الله على هذه الأخيرة .

وأما إذا قال " ملكه لعمرو وغصبته من زيد " فجزم المصنف هنا : بأنه يلزمه دفعه إلى زيد ، ويغرم قيمته لعمرو وهو المذهب جزم به في الوجيز ، وشرح ابن منجا ، والهداية ، والمذهب ، والخلاصة وقدمه في المغني ، والشرح ، والرعايتين وقال هذا : الأشهر وقيل : يلزمه دفعه إلى عمرو ، ويغرم قيمته لزيد قال المصنف : وهذا وجه حسن قال في المحرر : وهو الأصح وأطلقهما في الفروع ، والحاوي الصغير ، والنظم وقال القاضي ، وابن عقيل : العبد لزيد ولا يضمن المقر لعمرو شيئا ذكره في المحرر وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله فائدة لو قال " غصبته من زيد وملكه لعمرو " فجزم في المغني ، والمحرر ، وغيرهما : أنه لزيد ، ولم يغرم لعمرو شيئا قال في الرعايتين : أخذه زيد ولم يضمن المقر لعمرو شيئا في الأشهر انتهى وقيل : يغرم قيمته لعمرو كالتي قبلها وأطلقهما في الفروع ، والحاوي الصغير وقال في الرعاية الصغرى بعد ذكر المسألتين وإن قال " ملكه لعمرو وغصبته من زيد " دفعه إلى زيد وقيمته إلى عمرو [ ص: 199 ] وهذا موافق لإحدى النسختين في كلام المصنف جزم به في الوجيز ، والحاوي الصغير قوله ( وإن قال " غصبته من أحدهما " أخذ بالتعيين فيدفعه إلى من عينه ، ويحلف الآخر ) بلا نزاع ( وإن قال " لا أعلم عينه " فصدقاه : انتزع من زيد وكانا خصمين فيه وإن كذباه : فالقول قوله مع يمينه ) فيحلف يمينا واحدة " أنه لا يعلم لمن هو منهما " على الصحيح من المذهب قدمه المصنف ، والشارح ، وغيرهما من الأصحاب ويحتمل أنه إذا ادعى كل واحد : أنه المغصوب منه : توجهت عليه اليمين لكل منهما " أنه لم يغصبه منه " قلت : قد تقدم ذلك مستوفى في " باب الدعاوى " فيما إذا كانت العين بيد ثالث .

التالي السابق


الخدمات العلمية