الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا تقبل شهادة فاسق ، سواء كان فسقه من جهة الأفعال أو الاعتقاد ) ، وهذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، ( ويتخرج على قبول شهادة أهل الذمة قبول شهادة الفاسق من جهة الاعتقاد المتدين به ، إذا لم يتدين بالشهادة لموافقه على مخالفه ) ، كالخطابية ، وكذا قال أبو الخطاب .

فائدة :

من قلد في خلق القرآن ، ونفي الرؤية ونحوهما : فسق على الصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، قال في الفروع : اختاره الأكثر ، قاله في الواضح وعنه : يكفر كمجتهد ، وعنه : فيه لا يكفر ، اختاره المصنف في رسالته إلى صاحب التلخيص ، لقول أحمد رحمه الله للمعتصم : يا أمير المؤمنين ، ونقل يعقوب الدورقي فيمن يقول : القرآن مخلوق كنت لا أكفره حتى قرأت { أنزله بعلمه } وغيرها ، فمن زعم أنه لا يدري : علم الله مخلوق أو لا ؟ كفر وقال في الفصول في الكفاءة ، في جهمية وواقفية وحرورية وقدرية ورافضية إن ناظر ودعا : كفر ، وإلا لم يفسق ; لأن الإمام أحمد رحمه الله قال : يسمع حديثه ويصلى خلفه ، قال : وعندي أن عامة المبتدعة فسقة كعامة أهل الكتابين كفار مع جهلهم ، قال : والصحيح لا كفر ، لأن الإمام أحمد رحمه الله : أجاز الرواية عن الحرورية والخوارج [ ص: 48 ] وذكر ابن حامد : أن قدرية أهل الأثر كسعيد بن أبي عروبة ، والأصم مبتدعة ، وفي شهادتهم وجهان ، وأن الأولى : أن لا تقبل ; لأن أقل ما فيه : الفسق ، وذكر جماعة في خبر غير الداعية : روايات . الثالثة : إن كانت مفسقة : قبل ، وإن كانت مكفرة : رد ، واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يفسق أحد ، وقاله القاضي في شرح الخرقي في المقلد ، كالفروع وعنه : الداعية كتفضيل علي على الثلاثة ، أو أحدهم رضي الله عنهم ، أو لم ير مسح الخف أو غسل الرجل ، وعنه : لا يفسق من فضل عليا على عثمان رضوان الله عليهم أجمعين ، قال في الفروع : ويتوجه فيه وفيمن رأى " الماء من الماء " ونحوه التسوية ، نقل ابن هانئ في الصلاة خلف من يقدم عليا على أبي بكر وعمر رضي الله عنهم إن كان جاهلا لا علم له : أرجو أن لا يكون به بأس ، وقال المجد : الصحيح أن كل بدعة لا توجب الكفر لا نفسق المقلد فيها لخفتها ، مثل من يفضل عليا على سائر الصحابة رضي الله عنهم ، ونقف عن تكفير من كفرناه من المبتدعة .

وقال المجد أيضا : الصحيح أن كل بدعة كفرنا فيها الداعية ، فإنا نفسق المقلد فيها ، كمن يقول بخلق القرآن ، أو بأن ألفاظا به مخلوقة ، أو أن علم الله مخلوق ، أو أن أسماءه تعالى مخلوقة ، أو أنه لا يرى في الآخرة أو أن يسب الصحابة رضي الله عنهم تدينا ، أو يقول : إن الإيمان مجرد الاعتقاد ، وما أشبه ذلك ، فمن كان عالما في شيء من هذه البدع ، يدعو إليه ويناظر عليه : فهو محكوم بكفره ، نص الإمام أحمد رحمه الله صريحا على ذلك في مواضع ، [ ص: 49 ] قال : واختلف عنه في تكفير القدرية بنفي خلق المعاصي ، على روايتين ، وله في الخوارج كلام يقتضي في تكفيرهم روايتين ، نقل حرب : لا تجوز شهادة صاحب بدعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية