الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  1- التشارك والتفاعل:

                  من أهم ما يتطلبه التنوع في مكونات المجتمع التوجه صوب التفاعل المنسجم وتأكيد الرغبة في العيش المشترك بين الأفراد والمجموعات ذات الهويات الثقـافـيـة المتعددة والمتنوعة، ذلك أن الحقـوق الثقـافية، بشـكل خاص، جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، بشكل عام، حيث يبرز الحق في أن يتمتع كل شخص بالقدرة على التعبير عن نفسه والإبداع في المجالات المختلفة، كما يبرز الحق في أن يحصل كل إنسان على تعليم وتدريب جيدين يحترمان هويته الثقافية احتراما كاملا؛ فضلا عن حقه في ممارسة تقاليده وأعرافه الثقافية الخاصة والمميزة له عن غيره من أفراد مجتمعه المتنوع. [ ص: 112 ]

                  ولا يمكن تصور التفاعل الحضاري بين الثقافات والحضارات إذا لم يكن هناك إقرار بمبدأ التنوع الثقافي. ومهما تكن هناك بعض وقائع الصدام والصراع، إلا أن الأمر ليس حتمية بشرية؛ لأن العنف والجهل بالحقائق والخوف من (الآخر) هي نتاج التربية والثقافة، التي ينشأ عليها الفرد وتطبع سلوكه وردود أفعاله، ولذلك كان لابد في إطار التفاعل الحضاري من التمسك بالهويـة الحضاريـة وحماية الشخصية الثقافية وإبصار دورها في المشترك الإنساني.

                  ولقد حرصت الأقلية المسلمة، وهي تتفاعل مع مكونات المجتمع الأخرى، على الارتقاء بأفرادها، ثقافيا واجتماعيا، وحققت في ذلك إنجازات كثيرة، على المستوى الدعوي، واعتمدت لذلك وسائل متعددة، لعل في مقدمتها انطلاقها في عام 1400هـ من فطاني، تدعو إلى الثبات على منهاج النبوة، الذي يعبر عنه قوله تعالى: ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) (يوسف:108) والذي يؤسس لبناء المشترك الإنساني والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، وهو ما تم التعبير عنه في ثنايا رسالة (هذه سبيلنا)، التي تتمحور حول البلاغ المبين، والإبانة بالكلمة، التي تتعدد أساليبها بحسب الحال [1] .

                  وتتميز الأقلية المسلمة في تايلاند بخاصيتين اثنتين: [ ص: 113 ]

                  أولاهما: أن هذه الأقلية هي جماعات بشرية متجانسة، وجزء أصيل في المجتمع، فهي بذلك تكتسب صفة الانتمـاء إلى الوطن، الذي تعيش فيه وتعمل له.

                  وثانيتهمـا: أن المعيار العددي لم يعد بذات الأهمية، وإنما تتحدد قيمة الأفراد بمعارفهم ومهاراتهم ودورهم القيادي في بناء وطنهم، لذلك لم تفقد هذه الأقلية حقوقها السياسية والمدنية في وطنها.

                  لذلك كان لابد من التشبث بالأرض وعدم إخلائها؛ لتكون الهجرة الداخلية بهجر ما نهى الله عنه، وهجرة الرجز، ثم الثبات، وتقديم أنموذج الاقتداء، من خلال العطاءات الثقافية والإصلاحات الاجتماعية، بمساهمة المعاصرين من أعلام فطاني - ابتداء - وحسن توظيف الإعلام بكل أدواته والإفادة من المناسبات والمواسم الإسلامية.

                  وهناك اهتمام خاص بالنساء (شقائق الرجال)، فكانت المبادرة بدعوة النساء المسلمات إلى الحجاب ولبس الخمار والجلباب، فكان أول مظهر لارتداء أربع نسوة الزي الشرعي في فطاني، عام 1400هـ [2] ، وللتوكيد على الاهتمام بأمرهن ثمة إصدارات ورسائل خاصة بالنساء، منها: أيتها المسلمة لاتتبرجي (باللغة الملايوية والحرف القرآني)، صدرت عام 1410هـ/1990م، الزوجة الصالحة، صفاتها وواجباتها وفضلها (باللغة الملايوية والحرف القرآني)، صدرت عام 1415هـ/1995م. [ ص: 114 ]

                  وهناك الكثير من الدراسات والإصدارات، التي تدخل كلها في إطار مشروع الارتقاء بالأقلية المسلمة في تايلاند، ثقافيا واجتماعيا.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية