الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  مسلمو تايلاند (التاريخ والمستقبل)

                  الأستاذ / محمد بن داود سماروه

                  - أولا: من أخطر المشكلات والتحديات:

                  يعتبر المجتمع التايلاندي من أكثر المجتمعات تعقيدا من حيث تعدد الأعراق والملل والنحل، ومن حيث الأخطار، التي يعيشها المجتمع أيضا، إضافة إلى انتشار المخدرات والإيدز، بطريقة استعصى على الدولة السيطرة عليها، يضـاف إلى ذلك تحـكم تقـاليـد المدنية الغربيـة في كل تفاصـيـل الحيـاة، مما يستدعي التفكير الدائم في كيفية التعامل مع هذه التحديات، ومحاولة تقديم الإسلام كمنقذ للمجتمع من آفاته.

                  ومن أخـطر المشـاكل، التي تواجهـهم وتواجـه البلاد بعـامة، هي وجـود حركة استقلالية في بعض المناطق الإسلامية الجنوبية ما أدى إلى حالة من الاضطراب على الحدود مع ماليزيا، فضلا عن مشكلة تهريب المخدرات، إذ إن تايلاند منطقة عبور لهـذه التجارة من كمبوديا ولاوس، الدولتين المجـاورتين لتايلاند. وأخيرا مشكلة الصراع السياسي الراهن بين الأحزاب والقوى السياسية.

                  ويـمـكن حصـر المشـكلات، التي تواجه المسلمـين في تـايـلانـد، في الآتي [1] : [ ص: 143 ]

                  1- تربية الأطفال:

                  الأطفال هم عماد الغد ومستقبل الأمة، وأطفال المسلمين في تايلاند يعانون مشكلات أساسية، هي:

                  أ-البيئة التي يعيشون فيها، بعيدا عن شعائر دينهم.

                  ب- التعليم الإلزامي في المرحلة الابتدائية في المدارس البوذية.

                  ج- الانحـلال الخلقي بسبب من ممارسات بعض وسائل الإعلام السمعية والمرئية.

                  2- التعليم الإسلامي:

                  التعليم لأبناء المسلمين في تايلاند يكون عادة في المدارس الإسلامية الأهلية المتواضعة أو كتاتيب ملحقة بالمساجد يومي السبت والأحد، أو يوم الأحد فقط، أو في المساء من كل يوم ما عدا الخميس والجمعة، وتقوم الأسر بتلقين أبنائها التعاليم الدينية في المنزل.

                  كما أن الكبار من الآباء والأمهات يتلقون دروسهم الدينية في المساجد أو في بيوت العـلماء الذين وقفـوا أنفسهم على خـدمة الدين وتعاليمه مرة أو مرتين أسبوعيا..

                  ومن أهم المشكلات، التي تواجه التعليم:

                  أ- ضعف الإمكانيات المـادية والأدبية.

                  ب- قلة المدارس والجامعات.

                  ج- عدم توافر المناهج المناسبة للتعليم الإسلامي.

                  د- عدم وجود الكتب المدرسية الإسلامية المناسبة لأوضاع المسلمين وحاجاتهم. [ ص: 144 ]

                  3- المشكلات الاقتصادية:

                  وتتمثل في انخفاض الدخول ونقص المهارات، حيث الحرفة الرئيسة لمسلمي تايلاند هي زراعة أشجار المطاط والأرز والفواكه، وعليه فإن الأحوال الطبيعية وتقلب الأسعار العالمية من العوامل، التي تؤثر في أحوال المسلمين المعيشية.

                  علاوة على ذلك الضرائب الكبيرة المفروضة على أسعار مواد الزراعة خاصة المطاط والأرز والخشب، وإحجام أبناء المسلمين عن دخول معاهد التعليم الفني (المحضن الأساسي لتفريخ ذوي المهارات) القائمة، وعدم وجود معاهد فنية خاصة بهم، مما يؤدي لضعف المهارات الفنية لمسلمي تايلاند.

                  4- المشكلات الاجتماعية:

                  أكبر هذه المشكلات: إمكانية الذوبان في المجتمع البوذي، في الدين واللغة والعادات والتقاليد الاجتماعية

                  [2] ، الأمر الذي يتجاوز إمكانية المسلمين للتعامل معه.

                  وثمة مشكلة أخرى، تتمثل في تعدد مؤسسات الفتوى وغياب التنسيق، ومن أبرز هذه المؤسسات [3] : [ ص: 145 ]

                  أ-اتحاد علمـاء فطاني.

                  ب-اتحاد كتاتيب التعليم التقليدي (فوندوق).

                  ج-مجلس العلمـاء.

                  د-مجلس العلم بجامعة جالا الإسلامية.

                  هـ-المجالس الإسلامية للمحافظات الحدودية الجنوبية التايلاندية.

                  5- التحديات الفكرية والثقافية:

                  يضاف إلى تلك المشكلات التحديات الفكرية والثقافية والأيديولوجية لكثير من الأحزاب والتنظيمات والمؤسسات، التي تعادي الإسلام، من مثل: الشيوعية، والإرساليات التنصيرية، والنشاط الصهيوني.

                  فالإرساليات، بشكل خاص، نشيطة جدا، فهي تتوفر على إمكانات مـادية ضخمة، ترصدها الهيئات والمنظمات في الدول النصرانية الغربية، ومن وسائل عملها:

                  أ- إنشاء المستشفيات والعيادات الطبية، في المحافظات الجنوبية (معقل المسلمين) لتقديم العلاج لمرضى المسلمين مجانا أو بأسعار مخفضة.

                  ب- فتح فصول دراسية في مدينة جالا لتدريس اللغات الحية وغيرها من العلوم لأبناء المسلمين، بهدف الترويج لتعاليم النصرانية.

                  من جانب آخر، بدأت المنظمات الصهيونية في غزو المجتمع التايلاندي المسلم عن طريق إنشاء نوادي الروتاري في كل من مدينة جالا، وناراتيوات، وفطاني، وستول، وسونجكلا، وغيرها. [ ص: 146 ]

                  ولعل من أخطر التحديات، التي تواجه الشباب وجيل المستقبل: التحدي المذهبي واستدعاء الصراع السني الشيعي

                  [4] ، إضافة إلى التحديات الأخلاقية [5] .

                  لقد غدت الأخلاق، بالمفهوم المـادي، ذات بعد نفعي تجاري، وأصبح التحلل من القيم موضة، وعلامة على حضارة الانحلال، وتجاوزت في إباحيتها كل وصـف، وهذا الذي دفع كثيرا من الشباب إلى الاستقالة الاجتماعية من الحياة؛ إما عن طريق الانتحار بطرقه المختلفة، وإما بالانغماس في عالم الرذيلة والمخدرات والفجور، مما أصبح يهدد الأسر المسلمة بالانحلال والتفكك، ويقضي على قيم التآلف والرحمة والعطف، وكل القيم الروحية، التي تفتح أمام الإنسان أبواب الأمل في الحياة الكريمة.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية