الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  - الشيعة:

                  للشيعة حضور كبير، وتأثير ملحوظ في الحركة الثقافية في تايلاند، حيث تنتشر المراكز الثقافية التابعة لهم في العاصمة بانكوك، وهي المنطقة التي تمركزوا [ ص: 78 ] فيها منذ دخول التشيع لبلاد تايلاند قبل 450 سنة [1] ، من خلال التجار والدعاة والعلاقات الدبلوماسية بين الدولة الصفوية والقاجارية والحكومة التايلاندية والسلطة في فطاني.

                  وفي مدينة (أيوتيا) يقف قبر الشيخ أحمد القمي (1543- 1657م)، شاهدا على دخول المذهب الشيعي لتايلاند، فقد استوطن بانكوك عام 1582م، وبعد أن ترسخت علاقته مع المقامات العليا في تايلاند، استقر فيها وتزوج منها، وخلف عددا من الأولاد، وقد تزوج ملك تايلاند بإحدى حفيداته في ذلك الزمان، فازداد نفوذ الشيخ أحمد في المنطقة، وما لبث أن أصبح ذا تأثير واضح على الوضع التجاري والسياسي في تايلاند، فقد تسلم منصب رئيس جمارك البلاد، ثم ما لبث أن أصبح رئيس وزراء (أيوتيا) بأمر من ملك البلاد آنذاك.

                  وللشيخ القمي، قبر شيد عليه مسجد زين بأجمل النقوش الإسلامية، ويعتبر مزارا، حيث يقصده كثيرون برجاء تحقيق آمالهم، كما يقوم بعض السياسيين عند تنصيبهم بزيارة لهذا القبر؛ ويشاهد الزائر للمسجـد المقـام على القبر ما كتب عـلى الحجر، الذي وضع على القبر، باللغة الإنجليزية [ ص: 79 ] والتـايـلاندية مـا يلي: الشيـخ أحمـد، رئيـس وزراء دولـة تايـلانـد في أيوتيا، في زمان الشاه نارسون، المولود في محلة (بايين) في مدينة (قم) سنة 1543م، شيعي اثنا عشري.

                  ويوجد في العاصمة بانكوك، أربعة مساجد للشيعة، ويبلغ عدد أتباع الطائفة الشيعية أكثر من 150,000 نسمة، يتمركز أكثرهم في بانكوك، وقسم منهم في الأقاليم الجنوبية

                  [2] .

                  ومن عوامل دخول التشيع إلى تايلاند: البحارة الشيعة، الذين كانوا يتخذون من موانئها محطات استراحة قبيل انطلاقهم إلى الصين، حيث كان تعاملهم مع أهل البلاد عنصر جذب نحو التعرف على معتقداتهم، مما أدى إلى تشيع الكثير من أهل البلاد.

                  ومـن مراكز الشيعـة في تايـلاند، مدرسـة (دار العـلـم) في بانـكوك، التي أنشئت بهدف تزويد الشباب بالمعلومات الأساسية للتبليغ، وكان قرار إنشـاء المدرسـة من الإمـام الخـوئي، وهـي الآن مـركز يبث مـذهب الشيعـة في تايلاند، كما تم إنشاء فرع لهذه المدرسة لتعليم النساء

                  [3] . [ ص: 80 ]

                  ومـن مراكز الشيعة كذلك مركز (دار الزهراء) في محافظة فتالونج، جنوب تايلاند، على أرض مساحتها 4,000 متر مربع، وقد افتتح المشروع في عام 1999م، باستقبال أكثر من 35 طالب في المراحل المختلفة لتعلم القرآن الكريم، وتدريس الأحكام ، وأصول العقائد في دورات تعليمية منتظمـة، تستـغرق ثلاث سنـوات، ينتقل الطالب بعد نجاحه فيها إلى مدرسة (دار العلم) التابعة لمؤسسة الإمام الخوئي الخيرية في العاصمة بانكوك لإكمال دراسته.

                  وتعتزم المستشارية الثقافية الإيرانية في تايلاند في المستقبل القريب وبالتعاون مع المجمع العالمي لأهل البيت تأسيس مكتبة تحمل اسم "الشيخ أحمد قمي"، مؤسس المذهب الشيعي في هذا البلد. ولرابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، ومن خلال فكر رئيسها "مهدي مصطفوي" وباقي المسؤولين، برامج وخطط، وقد قامت بأمور مهمة لتحديد الفرص والتهديدات مستفيدة من خبرتها في هذا المجال.

                  وللشيعة في تايلاند قناة فضائية، تبث عن طريق قمر صناعي تايلاندي (Thai Com)، بأربع لغات: التايلاندية، الملايوية، العربية، الفارسية. ويقوم عليها مجموعة من ملالي خريجي جامعة قم من التايلانديين، الذين استطاعوا أن يكونوا كوادر إعلامية قوية في الأعوام المـاضية.

                  ونشاط القناة شبه احترافي، مما يعني أن هناك دعما أكيدا من جهات إعلامية متخصصة.. ولأن تايلاند هي أكثر الدول حرية في المنطقة، والتقنيات [ ص: 81 ] اللوجستية والتكنولوجية متوفرة بشكل واسع، ناهيك عن أن تايلاند تعتبر مركز ثقل استراتيجي، فإن الشيعة قادمون في منطقة جنوب شرق آسيا وبقوة

                  [4] .

                  وخلاصة القول: إن تاريخ دخول التشيع في تايلاند يعود إلى نهاية القرن السابع الهجري، وعددهم في تزايد مستمر، وأماكن وجودهم في المدن والأرياف الجنوبية التايلاندية المحاذية لمـاليزيا.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية